عامر القيسي
الخميس الماضي وجهت نداءاً الى أمين بغداد لزيارة مدخل بغداد الشمالي ليتعرف بالصورة والصوت على مدخل الفضيحة هذا لعاصمة مثل بغداد، ولا أعتقد ان السيد عبعوب قد إستجاب للنداء، واليوم أوجه له نداءً آخر لزيارة ساحة الرصافي التي ينتصب وسطها رمز من رموز العراق الوطنية والثقافية، ليرى بالصوت والصورة أيضاً ساحة بقامة الشاعر الرصافي المحاذية لشارع الشاعر المتنبي، وهو من ميزات وخصائص بغداد وبإتجاه الجسر المتحف البغدادي، ويستمع الى لوعة الرصافي الذي تحولت «ساحته» الى مكب للنفايات وبقايا من بقايا كل شيء ..
ساحة ضاع فيها الرصافي الذي يجاور المتنبي، وربما يحسده قليلاً لأن شارعه ينبض بالحياة ولو في يوم الجمعة، مع ان جميع من يمنحوه هذه الحياة يمرون من ساحة الرصافي، يحدقون به ومنهم من يتذكر ويردد بعض أشعاره، وأنا متأكد أنهم يحسون بلوعة الرصافي ونداءاته ويسمعونها قوية حزينة في أعماقهم لما آل اليه حال شاعرنا الذي تعرفنا عليه منذ نعومة أظافرنا في المرحلة الإبتدائية، بل وتعلمنا أولى دروس الوطنية على أشعاره ..
يمرون قريباً منه ويسمعون نداءه .. أنقذوني ..!!
في كل بلاد العالم وأظن حتى ما تسمى متخلفة أو ثالثية، تحترم بحدود مختلفة رموزها وهم جزء من هويتها الوطنية وتقيم لإنجازاتهم المؤتمرات والندوات وتسمي شوارع ومنتديات علمية وثقافية مميزة بأسمائهم الى سلسلة طويلة من إبداء الإحترام والتقدير لهذه الرموز ..
في عراقنا تخمة بهذه الرموز التي تشكل هوية العراق الوطنية والثقافية والحضارية ومنها الشاعر الكبير الرصافي، ومن المفترض وبوجود شارع المتنبي القريب منه والمتحف البغدادي وسوق السراي، من المفروض ان تتحول هذه المنطقة الى شكل آخر ومضمون يليق بالأسماء التي تكوّنها لا ان تتحول ساحة الرصافي الى مكب للنفايات بكل أصنافها وأنواعها !!
حالة ساحة الرصافي أنموذج آخر متميز من نماذج الجهل بأهمية هذه المواقع وما يمكن ان تمنح للمكان من روح وحياة ومكان للإستراحة لزوار العاصمة وإستذكاراً للتاريخ والأشعار والثقافة والتجمعات، منطقة فيها المتنبي والرصافي والسراي والمتحف البغدادي، بإمكانها ان تكون، لو تم التعامل معها بعقلية أخرى، الى أميز مناطق بغداد وأكثرها حضوراً بالشكل والنوع وما يمكن ان تخلقه من تقاليد ثقافية وإجتماعية، بل وحتى سياسية، بإمكانها ان تكون شكلاً من أشكال «هايد بارك» اللندنية أو مجمعاً متكاملاً للفن والثقافة والمسرح والشعراء، منطقة تحتاج الى عقلية تتعامل معها بأهمية رموزها الشعرية والتأريخية الى جانب مقاهٍ من طراز الزهاوي والشابندر، فضلاً عن الإطلالة الجميلة على نهر دجلة التي تمازج بين كل هذه المكونات، لتتحول الى منطقة لإشعاع فكري وثقافي وحاضنة لتجمعات المثقفين بشتى مشاربهم وخالقة لجيل جديد من الشباب الواعي المعتد بهويته الوطنية ورموزها الثقافية ومنتجاتها الماضوية والحاضرة ..
لا نريد أن نذهب بعيداً في خيالاتنا وان نحمل الأمين أكثر من طاقته، فالرجل يكفيه مما فيه، وسنكتفي بمطلب ولا أسهل وهو ..
إرفعوا النفايات من ساحة الرصافي وخففوا من لوعة الرجل يجزيكم الله خير الجزاء !!