الشيخوخة.. الوحدة والذكريات في آخر محطات العمر

بغداد – سمير خليل

ماذا يعني أنك تصل بعمرك للمحطة الاخيرة؟ أن تشعر بالعجز وثقل الحركة والتركيز وتسمية الأشياء وتذكرها، أن تجلس عاجزا تستحضر ذكرياتك وحياتك بطولها وعرضها، أن تتمنى لو يمكنك التحدث مع من حولك أو من يعيش معك! إنها الشيخوخة يا سادة، مرحلة العجز والمرض وانتظار الخاتمة.

عندما يتقدم الانسان بالعمر يبدأ معدل الحركة والنشاط بالتراجع، فيصعب التعامل حينها مع البشر وما يحيط بالإنسان، وربما تتغير نظرة الأهل والأبناء تبعا لمرحلة الإنسان العمرية، حيث تتحول نظرة هؤلاء للشخص المسن تتأرجح ما بين الشفقة والتذمر، عندها تتغير موازين الاهتمام ويهتز معنى الرفق بالوالدين، تتغير عندها العلاقة وتصبح فعلا مفروضا ينساب برتابة وملل، الى حد أن الأب أو الأم العجوز تنأى عن طلب أي حاجة من الأبناء والبنات وأزواجهم وزوجاتهم وحتى الاحفاد.

وعندما تضرب الشيخوخة الانسان يتلاشى ويهمل كل منجز له حققه في حياته، فلا يشفع له ما قدمه سوى أن يتحول منجزه الى ذكرى تضاف الى مجمل ذكريات العمر.

وفي تعريف الشيخوخة أو “التعمّر” فهي عملية الهرم والتقدم بالعمر التي تصيب الكائنات الحية نتيجة تناميها. التعريفات المؤخرة لعملية الشيخوخة تعتبرها عبارة عن خلل وتلف في عمليات النظام مع مرور الوقت والزمن، هذا التعريف يسمح بظهور ووجود أنظمة لا تهرم (لا تشيخ)، نتيجة تداخلات مضادة للشيخوخة (عندما يمكن إصلاح الخلل المتراكم)، الشيخوخة أصبحت تدرس حاليا كعلم يتناول النواحي الثقافية والاقتصادية ودراسات الوعي والتغيرات الاجتماعية والديموغرافية أما النواحي الفيزيولوجيا فتوصف بعملية الهرم.

تقرير الأمم المتحدة أن بداية سن المسنين يختلف من مجتمع إلى آخر فبعض الدول اعتبرت (60-65) سنة بدء المسنين من 60 سنة للرجل، 50 سنة للمرأة، ودول أخرى تبدأ مرحلة المسنين للرجل من 55 سنة وللمرأة من 50 سنة وذلك مرتبط بمستوى الأعمار في كل دولة.

وعرفت دراسة الشيخوخة أنها ليست مجرد عملية بدنية، وإنما هي أيضاً حالة تعبر عن تغيرات جذرية في مجال الأنشطة الاجتماعية التي اعتاد عليها الفرد، فاعتبرت الشيخوخة بمثابة مرحلة يتم فيها هجر العلاقات الاجتماعية والأدوار السابقة مما يخلق للفرد عقدا نفسية تفقده الثقة في النفس وتجعله يشعر بأنه قد أصبح أداة عاطلة في المجتمع.

ولعل أقرب مثال لحال الشيخوخة ما جاء على لسان النجم العالمي، الممثل والمخرج الأمريكي “كلينت ايستوود” البالغ من العمر 95 عاما، في كلمة مؤثرة له مؤخراً وله تاريخ نجاح حافل ب 4 جوائز أوسكار حيث قال: “مُرعبٌ هو التقدم في العمر أليس كذلك؟ ها أنتم ترون كل شيء بأعينكم، عظام لا تتحرك بلُيونة، والضوء أصبح متعبا للعينين، والرئتان تغتَنمان فُرصة الراحة من البحث عن نفسٍ متعب جداً.. لكن المُرعب والمُتعب أكثر هو حين تبلغ التسعين سنة ولا تجد أحداً مِمَن تُحبهم بقربك، يستمع بتذمرٍ لقصص تاريخك المليء بالبطولات الوهمية، وأنت تعلم أنه غير مهتم، لكن تستمتع كجد، في نقل ما تراه مناسباً لأحفادك، مُرعب أن تكون وحدك بعد أن كان الجميع يبحث عنك، وفي الأخير، بعد قضاء عمرك بحثاً عن الضوء، لم تفز بأسرة، وعشت في الظلام حين احتجت ليدٍ تدلّك على الضوء!  اهتموا بتكوين أسرة، فالجري خلف الشهرة كالرماد الذي نفخت فيه الرياح، فلا هو أشعل ناراً، ولا هو ظلّ ثابتاً في مكانه”.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة