افتح قلبك وسمعك للمواعظ

تمهيد :
بمقدورك الآن وأنت ترفل بالصحة والقوة أنْ تخوض بلا هوادة غمار ما تشتهيه من المحظورات والممنوعات ،
ولكنْ لا تنس أنَّ كل ما تجترحه من تلك المحظورات لا يُمحى من صحيفة اعمالك التي سجلت – وبكل أمانة – ما لك وما عليك .
وهذا يعني :
انك مدعو للمساءلة والحساب على كل ما صدر منك يوم تقف بين يديْ ربك، وهذا ما يحرص الشيطان انْ يبعدك عنه، ولن يستطيع ان يوقعك في فخّه متى ما كنت واعيا مدركا لاهمية المسار السليم الخالي من الشوائب
ومما ينفع في ترويض النفس على التمسك باهداب الاستقامة والتأهب والاستعداد لأهوال الحساب والمساءلة قراءةُ ما أوصى به بعض الوُعّاظ من الشعراء على قبورهم، وقد جاءت قوافيهم مُذّكِرة ومحذرة مِنَ الانزلاقات المهلكة، ومِنْ كل الوان الانحدار الى هاوية الجحود والعصيان.
وحسبنا ان نورد بعض تلك الشواهد سائلين ربنا الكريم أنْ يُعيننا وايّاكم على شرور أنفسنا، وأنْ يكتب لنا التوفيق للإنابة والتوبة من سيئات اعمالنا .
انه هو التوّاب الرحيم .

  • 1 –
    أوصى أبو الصلت أمية بن عبد العزيز الاندلسي المتوفى سنة 528 هـ ان تكتب هذه الأبيات على قبره :
    سكنتُكِ يادارَ الفناء مُصّدِقاً
    بأنّي الى دارِ البقاء أصيرُ
    وأعظمُ ما في الأمر أنّي صائِرٌ
    الى عادلٍ في الحُكْمِ ليسَ يَجورُ
    فياليتَ شعري كيف ألقاهُ عندها
    وزادي قليلٌ والذنوب كثيرُ ؟
    فانْ أَكُ مجزياً بِذَنْبيِ فانّني
    بِشَرِ عقابِ المُذنبين جديرُ
    وانْ يك عفوٌ منه عَنيِّ ورحمةٌ
    فثم نعيم دائِمٌ وسرورُ
  • 2 –
    وقال ( عبد الله البغدادي ) شيخ المقرئين بالعراق ت 541 :
    ايها الزائرون بَعْدَ وفاتي
    جَدَثَاً ضَمَّني ولحدا عميقا
    سترونَ الذي رأيتُ مِنَ الموتِ
    عَيانا وتسلكون الطريقا
  • 3 –
    وأمر عليّ بن عيسى المعروف بالسكري الشاعر المتوفى سنة 413 أنْ تكتب الابيات التالية في لوح وينقش على قبره :
    نفسُ يا نفسُ كمْ تَمادَيْنَ في الغَيِ
    وتأتين بالفعال المَعِيبِ
    راقبي الله واحذري موضع العرضِ
    وخافي يومَ الحسابِ العَصِيبِ
    لا يَغُرنَّكِ السلامة في العيش
    فانّ السليمَ رَهْنُ الخطوبِ
    كلُّ حَيٍ فللمنون ولا يدفعُ
    بأسَ المنونِ كيدُ الأريبِ
    واعلمي أنَّ للمنية وقتاً
    سوف يأتي عجلان غَيْرَ هَيوبِ
    فَأَعِدّي لذلك اليوم زاداً
    وجواباً للهِ غيرَ كذُوبِ
    نَعَمْ إنّ اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل
    ولابُدَّ من التأهب للرحيل …

حسين الصدر

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة