لماذا يستعصي عليّ البكاء؟

نورالدين الغَطّاس*

لماذا يستعصي عليّ البكاء؟

شربتُ ماء الحياة
عذوبة ومرارة
لعلّ عيني تصبح نهراً
فأبكي
عندما يحين زمن البكاء..

أبكي علاقاتي
مع بشر
دفنوا ما تبقى من الإنسانية

أبكي أمي
التي رحلت فجأة
ولم تنتظر زيارتي في الصيف

أبكي أحياء العرب
مكتظة بأجساد من خشب
أكلت أحلامها ديدان طفيلية

أبكي طفلاً
يمشي بجوار أمّه
يمضغ خبزاً يابساً
وينبشُ في القمامة
بحثاً عن ورق مقوّى للبيع

أبكي عجوزاً
يجلس أمام باب خشبي
يضع إصبعاً في أنفه
وبقية الأصابع تُسبّح

أبكي عيناً
لا تستطيع مقاومة الإبرة الحادّة

أبكي سجيناً
لا يستطيع الحصول على ورقة وقلم

يا معشر الإنس والجنّ
متى ينام طفل
آمناً في حضن أمّه الأرملة؟

متى تستمعون للصمت بينكم؟
متى تغلقون موبيلاتكم وتقرؤون كتاباً؟
متى تقبّل امرأة رجلاً في شوارعكم؟

كم كنتُ أودّ
أن أبلّل بدمعي
رائحة الهواء الساخن
لعلّ الرطوبة تقتحم شراييني
كي يجري الدم من جديد
في جسدٍ تحت الثلج

كم أنتِ بعيدة
أيّتها الشمس
هل من طريق يؤدي إليك؟
لم أكن أعرف أن في جوف البركان برودة
وسكينة في جوف العاصفة

*شاعر وكاتب من المغرب

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة