الصباح الجديد ـ متابعة:
تتسع شرارة الاحتجاجات التي تشهدها إيران بسبب شح المياه، حيث انتقلت من إقليم خوزستان جنوب غرب البلاد، إلى إقليم لورستان المجاور، والمحصلة ثمانية قتلى على الأقل، كما قالت منظمة العفو الدولية، في أحدث تقاريرها.
المرشد الأعلى علي خامنئي قال إنه لا يمكن توجيه اللوم للإيرانيين الذين يحتجون على نقص المياه، داعيا المسؤولين إلى معالجة هذه المشكلة، فيما أكد الرئيس حسن روحاني أن الاحتجاج “حق طبيعي” لسكان خوزستان.
ويقول الخبير في الشؤون الإيرانية، حسن راضي، إن الاحتجاجات المسائية مستمرة لليوم التاسع على التوالي، مضيفا أن احتجاجات ليلية خرجت، الجمعة الماضية ، من مدينتي الأهواز عاصمة خوزستان، ومعشور ومناطق أخرى.
وبحسب راضي، فإن القوات الأمنية متواجدة بكثافة في شوارع هذه المدن وتقطع الطرق، فيما انقطعت خدمات الإنترنت في مدن بخوزستان “من أجل قطع التواصل بين المحتجين، ومنع نقل الأحداث إلى العالم”.
وكانت وكالة فارس شبه الرسمية للأنباء نقلت عن مسؤول في الشرطة قوله إن عددا من الأشخاص اعتقلوا بعد الاضطرابات وإطلاق النار في اليكودرز بإقليم لورستان فيما أصيب أربعة من رجال الشرطة بالرصاص.
وقالت منظمة العفو الدولية، الجمعة الماضية ، إن ثمانية أشخاص على الأقل قتلوا خلال الحملة المستمرة منذ أسبوع.
وأضافت المنظمة “تأكدت العفو الدولية من صحة لقطات الفيديو… وتتسق مع روايات من على الأرض، تشير إلى أن قوات الأمن استعملت أسلحة آلية فتاكة ومسدسات… والغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين”.
وبالتزامن مع ذلك، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش: “السلطات الإيرانية على ما يبدو استخدمت القوة المفرطة ضد المتظاهرين بشأن سوء إدارة الموارد المائية والتلوث الناجم عن تطوير النفط وحصيلة القتلى قد تكون أكثر مما هو معلن”.
كما ذكرت (نت-بلوكس)، التي تراقب حجب خدمات الإنترنت، أن انقطاعات واسعة النطاق أبلغ عنها مستخدمون لخدمات الهاتف المحمول في خوزستان.
يقول راضي: “ حتى الآن وقع 14 قتيلا وأكثر من 400 معتقل، وأعداد كبيرة من الجرحى لا يذهبون إلى المستشفيات خوفا من خطفهم من قبل الحرس الثوري؛ يعالجون سريا بإخراج الرصاص من أجسادهم في البيوت حتى لا يتم التنكيل بهم”.
إلا محمد صالح صدقيان مدير المركز العربي للدراسات الإيرانية يشكك في مصداقية تقارير منظمتي العفو الدولية وهيومن رايتش ووتش، قائلا: “لا تواجد على الأرض لمثل هذه المنظمات التي تعتمد على تقارير ، الواقع على الأرض ربما يختلف كثيرا”.
ووفقا لصدقيان، فقد خمدت الاحتجاجات خلال الـ72 ساعة الماضية “بسبب الإجراءات الطارئة التي اتخذتها الحكومة”.
وتحدث خامنئي عن الاحتجاجات، ونقلت عنه محطات تلفزيونية رسمية قوله: “الآن بفضل الله، تعمل كل الهيئات الحكومية وغير الحكومية (لحل أزمة المياه) وستواصل العمل بكل جد”.
ويقول صدقيان: “نجحت احتجاجات خوزستان في توصيل صوتها للحكومة في طهران وللمسؤولين الإيرانيين، والحكومة تقوم الآن بجهد كبير، فقد أرسلت معاون الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري إلى المحافظة إلى جانب كبار المسؤولين من وزارتي الداخلية والطاقة ومؤسسة المياه، جميعهم يعملون على حل المشاكل”.
وفي المقابل يشكك راضي في أن تفضي هذه الزيارات إلى نتائج ملموسة، قائلا إن الهدف منها هو محاولة لإخماد الاحتجاجات.
وخوزستان من المناطق القليلة في إيران التي تقطنها أقلية كبيرة من السكان العرب. وسبق لسكان المحافظة أن اشتكوا تعرضهم للتهميش.
فقد شهدت في 2019 احتجاجات مناهضة للحكومة طالت أيضا مناطق أخرى من البلاد.
وغرد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني الجمعة الماضية قائلا إن “الشعور بالتمييز هو أكثر إيلاما من الجفاف وشح المياه”.
وأبدى المسؤول المتحدر من خوزستان أسفه لأن سكان المحافظة لم يستفيدوا “من الشركات النفطية والوحدات الصناعية الكبرى” الموجودة فيها.
ويقول راضي إن المحتجين يرفعون مطالب خدمية لكن أسبابها سياسية، مشيرا إلى “سياسات التهجير وقطع المياه والممارسات التمييزية والعنصرية”.
وأضاف “قطع المياه جزء من سياسة السلطات الإيرانية للتغيير الديموغرافي والتمييز العنصري وتدمير البيئة والمنطقة ومنع المزارعين من الزرعة”، على حد قوله.
إلا أن صدقيان يقول: “غالبية المواطنين في خوزستان لا يريدون الانخراط في انزلاقات أمنية أو سياسية ربما تؤثر على الوضع العام في المحافظة”.
ويصف مدير المركز العربي للدراسات الإيرانية خوزستان، الواقعة في جنوب غرب إيران عند الحدود مع العراق، بـ”المنطقة الحساسة” التي عانت من “الاحتلال العراقي في عهد الرئيس السابق صدام حسين لمدة 8 سنوات، وكانت مركزا للحرب العراقية الإيرانية” (1980-1988).