الصباح الجديد ـ متابعة:
اورد تقرير لمجلة “فورين بوليسي” الأميركية إن السياسة التركية باتت اليوم أكثر اضطرابا من أي وقت مضى على مدى الأعوام السابقة، ما يهدد قدرة الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، على فرض سيطرته والحفاظ عليها في كافة أنحاء البلاد التي باتت “معرضة للخطر”.
ولفت مقال المجلة الأميركية إلى أن الاضطرابات التي تشهدها السياسة التركية باتت “ترفع احتمالات احتجاجات واسعة النطاق، والعنف المتزايد، والصراعات السياسية في قمة الدولة”، رغم استبعاده أن يكون إردوغان مهددا بخطر انتفاضة أو انقلاب آخر.
وأرجع كاتب المقال سبب “حقبة الاستقرار السياسي والاجتماعي” التي عاشتها تركيا على مدى سنوات مضت إلى وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم، في 2002، على يد إردوغان والرئيس السابق، عبد الله غول، وشركاء آخرين، عندما استفاد الحزب من النظام الانتخابي في تركيا، والذي تمكن بفضله من السيطرة على البرلمان، دون حاجة لتشكيل حكومة مع أحزاب أخرى.
وأشار إلى أن تركيا بدأت تفقد استقرارها بالتزامن مع مرورها بسلسلة متصلة من الظروف، بدءا باحتجاجات منتزه غيزي، في 2013، ومرورا بفضيحة فساد أشعلها في نهاية ذات العام أنصار المعارض، فتح الله غولن، الذي كان حليفا لإردوغان سابقا، ما قاد لإطلاق حملة لاستبعاد أتباع غولن من الحكومة والإعلام ومؤسسات التعليم العالي. وأشار إلى أن الصراع الذي خاضه إردوغان مع حزب العمال الكردستاني، في 2015، وقلب نتائج الانتخابات التي شهدها العام ذاته، كعوامل زعزعت ذلك الاستقرار المؤقت. وتطرق الكاتب إلى محاولة الانقلاب التي شهدتها تركيا، في 2016، والانزلاق الذي شهدته البلاد في ثرواتها الاقتصادية، في 2018 و2019، وجائحة كورونا التي زادت الوضع سوءا، في 2020.
وبحسب المقال، فإن تلك الأحداث تسهل للمتابع أن يرسم خطا مستقيما بين أي اثنين منها، لتشكل جميعها سويا “تصدعا” في رؤية حزب العدالة والتنمية.
ووصف الكاتب تلك الأحداث بأنها تعكس فشل الحزب بتوسيع نطاق المشاركة السياسية، وتحقيق الازدهار في المجتمع، بالإضافة إلى إدراك إمكانات تركيا كقوة عظمى.
وقادت سياسات إردوغان مؤخرا إلى ظهور عدد من الشخصيات الجدلية عبر منصات التواصل الاجتماعي، والذين يسعون بكل جد لإقناع العامة بأن النظام الحاكم في تركيا فاسد ولا يصلح للحكم.
وباتت مقاطع الفيديو التي ينشرها أحد أشهر زعماء المافيا في تركيا، سادات بكر، ويتحدث فيها عن مزاعم فساد وقتل واغتصاب ومخدرات ضد بعض أقوى الشخصيات الحكومية، والمقربة من إردوغان، تنافس المسلسلات التركية التي تحظى بشعبية واسعة في المنطقة. منذ قرابة شهر تدور حرب افتراضية في تركيا، مسرحها وسائل التواصل الاجتماعي والمحطات التلفزيونية بشقيها المعارض للحزب الحاكم والمؤيد له، وذلك على وقع استمرار سادات بكر في نشر تسجيلات يتهم فيها شخصيات سياسية وعلى رأسهم وزير الداخلية بالفساد. ومنذ أن بدأ نشر فيديوهاته في قناته الخاصة على يوتيوب في 2 مايو، اجتذبت مقاطع بكر أكثر من 100 مليون مشاهد على وسائل التواصل الاجتماعي، أي أنها باتت مصدر إزعاج حقيقي للنظام، ومصدر توعية لمن يتابعها من الأتراك، ما يضع نظام إردوغان في أزمة أكثر تعقيدا.
ومن المحتمل أن تصريحات بكر لا تشير سوى إلى حدوث صدع داخل المعسكر القومي التركي، ما يعزز المخاطر التي يواجهها النظام الحاكم.