السفر المغفول عنه ..!!ِ

-1-

انسانُ القرن الحادي والعشرين مَيّالٌ الى الأسفار، طلباً للاستمتاع والاستجمام والراحة، بعيداً عن سياق المنهاج اليومي الحافل بالكثير من الأعباء والأعمال …

-2-

وجاء فيروس كورونا فأصابَ عملياتِ السفر وشركاتِ النقل والطيران بضربة موجعة، أعلنت مِنْ بعدها شركات طيرانٍكبرى إفلاسها، وتسريح موظفيها والعاملين فيها ،وهذه معضلة أخرى حوّلت أعداداً من العاملين الى عاطلين …!!
ولا نريد في هذه المقالة العجلى أنْ نستعرض الخسائر الفادحة التي مُنِيَتْ بها الدول والشعوب في أرجاء العالم كله جراء تفشي الكورونا …
فذلك مما يطول فيه الكلام …
والمهم :
أنّ السَفَرَ المُمْتِع هو ما يقوم به الميسورون، وما يتطلع اليه الكثير ممن لا يملك عُدتَه ومن النادر أنْ تجد عازفاً عنه …

-3 –

والسؤال الآن :
وماذا عَنْ سَفَرِ الآخرة ؟
انّ السفر هنا حتميٌّ وليس اختيارياً ، ولا يعلم بموعد حلوله الاّ الباري عَزَّ وجل .
وبهذا السفر ينقطع الانسان عن الدنيا وما فيها ، ويتعذر عليه الاتيان بِأيِّ عمل صالح، أو مبّرة مِنَ المبرات بعد أنْيكون تحتَ الثرى .
انّ السفر الى الاخرة لابد له من زاد فما هو الزاد ؟
والجواب :
اقرأ بتمعن قوله تعالى :
( وتزودوا فانّ خير الزاد التقوى ) البقرة / 197
قال بعض الحكماء :
في الآية تَنْبِيهٌ على أنَّ هذه الدار ليست بدار القرار .
ومن هنا جاء التذكير بسفر الآخرة .
وليس ثمة من زادٍ أهم من التقوى فالتقوى مفتاح الدخول الى الجنة .
قال الأعشى :
اذا أنتَ لم ترحلْ بزادٍ مِنَ التُقى
ولاقيتَ بعدَ الموتِ مَنْ قد تزوّدا
ندمتَ على ألاَّ تكونَ كَمِثْلهِ
وأنّك لم ترصدُ كما كان أَرْصَدا
وأنا بهذا أذّكر نفسي قبل ان أُذّكر الأحبة من القراء الأعزاء …
إنّ تضييعَ الفرصة غصة، وفقنا الله واياكم للتزود بصالح الأعمال والابتعاد عن مواطن الزلل والغفلة والاهمال
وقال آخر :
الموتُ بحرٌ طامِحٌ مَوْجُهُ
تذهبُ فيه حِيَلةُ السابحِ
يا نَفْسُ إنّي قائلٌ فاسمعي
مقالةً مِنْ مُشْفِقٍ ناصِحِ
لا يَصْحَبُ الانسانَ في قبرِهِ
غيرُ التُقى والعملِ الصالحِ
أما قول من قال :
( أحبُّ الصالحين ولستُ منهم )
فانه يشبه قول ابن أحد العلماء وقد سُئِل عن مسألة فقال :
لا أدري ونصف العلم لا أدري
فقيل له :
الاّ أنّ اباك ذهب بالنصف الثاني ..!!

حسين الصدر

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة