-1-
قالوا :
ليس صعباً أنْ تكون عالِما ،
ولكن الصعوبة في أنْ تكون انساناً ، ذلك أنَّ هناك مَنْ يحمل مِنَ الانسانية مظهرَهَا فقط ، أما جوهرها فهو غائب عنه ..!!
ومن هنا تراه :
لا يتحرج من الاساءة والايذاء ، لابل يتجاوز ذلك الى التمرس في الاجرام بحق الخاص والعام .
-2-
هل يصحُ أنْ تُطلق على الولدِ العاق لِواِلديْهِ أو أحدهما انّه انسان ؟
وهل يصحُ أنْ تُسَمِّي الشامتَ بمن أصابَتْهُ الأمراض المزمنة انساناَ ؟
وهل يصحُ أنْ تُسَمِّي منْ يتصيد أخطاءَك لِيَذْكُرَكَ باحتقار وانتقاص عند الناس انسانا ؟
وهل يَصُحُ أنْ تُطلق على مَنْ يتنكرُ لأبسطِ ما تقتضيهِ اللياقةُ واللياقةُ من مجاملات اجتماعيه انسانا ؟
انّ السفالة والنذالة البشرية تهبط بأصحابها الى دون مرتبة البهيميّة، ذلك أنَّ الكثير مِنَ البهائم – وهي لا تملك عقلا أصلا – لا تمارس ما يمارسه الأشرار المتمرسون في العدوان على الآخرين .
-3 –
وقد يُصاب بعض الناس بفقد البصر أو السمع أو بِاَيةِ عاهةٍ مُزْمَنَةٍ اخرى وهؤلاء لابُدَّ من التعامل معهم بلونٍ من الحنّوِ والمراعاة لمشاعرهم بحيث يخفف عنهم اعباء ما يُعانُونَهُ جرّاءَ إصاباتهم بتلك الامراض المزمنة .
وبدلاً من التعامل الرقيق معهم ، يختار بعض الغلاظ والجفاة الصِيَغَ المُوجِعَة ، والعبارات المثيرة للألم وتفاقم الاحزان .
والقضايا والشواهد في هذا الباب كثيرة تنبو عن الاحصاء ، ولكننا في هذه المقالة الوجيزة سنقتصرُ على ذِكْرِ واحدة منها ،
جاءت مِنْ شاعر يُفترض فيه أنْ يكون رهيفَ الاحساس ، شديدَ المراعاة لمشاعر مَنْ يُخاطبهم من الناس، ولكنه –للاسف – وعلى خلاف المنتظر ممن يتشدق بنقاء الضمير والوجدان وطهارة السلوك والمسار تصرّف تصرفا قبيحا للغاية .
لقد سمع هذا الشاعر رجلاً ضريراً مكفوف البصر يقول وقد تقاطرتْ دموعُه مِنْ مقلتيْه :
إنّ طرفي هو البحر ،
وإنّ دمعي هو دُرّةُ ذلك البحر ..
فما كان منه الاّ أنْ واجهه – وبكل قسوة وجفاء – :
نعم إنّ طرفك بحرُ الظلمات، وتركه يغص بآلامه وأوجاعه ،
ولم يكتفِ بذلك حتى سَجَلَ ما وقع في بيتين فقال :
وضريرٍ قال لي إذْ أظلمتْ
مُقلتاهُ وَسَخَتْ بالعبراتْ
طَرفَي البحرُ ودمعي دُرّةٌ
قلتُ : لكنْ هو بحر الظُلماتْ
وهكذا اختار هذا الشاعر العاثر السير في درب وَعِر، وليستهجن فعْلهُ متى ما ذُكِر ، وأنْ يكون مثل السوء للمتنكر الصلف المجافي لمقتضيات الخُلُق الكريم والتعايش السليم .
حسين الصدر