الشعرُ ديوان العرب، وهو ليس ألفاظاً موزونة مقّفاة فحسب ،بل هو وجيبُ القلوب، وصدى العواطف المشبوبة ، وهمسات الحب والحنين، وحزمة منسابة من الافكار والرؤى … -2- قال كاتب السطور : انما الشعرُ خاطرٌ مشبوبُ ونجاوىً تَطْوي المدى وتَجُوبُ والقوافي هي القلوب اذا ذابتْ حناناً وثار فيها الوجيبُ يُولعُ الشعرُ بالجمال وبالحُبّ فَذُو الوَجْدِ والعناءِ الأديبُ -3 – ويستطيع (الشعر ) أنْ يداعب أوتار القلوب، ويأخذ مأخذه المتميز من سامعيه وقارئيه، متفوقاً على (النثر)، تشفعُ له موسيقاهُ وأنغامُه العذبة من جانب ، وصُورُه المُوحِية من جانب اخر . ومن هنا : فانّ عيونَ البيانِ العربي تكتحلُ بالشعر، فهو كحل البيان . -4- ولا أدعي أنني من أصحاب البراعة في هذا الميدان . ولقد قُلْتُها بالفم الملآن – يوم وقفتُ لإلقاء قصيدتي في مهرجان أدبيٍّ كبير أُقيم بلندن تكريما للشاعر الكبير المرحوم العلامة السيد مصطفى جمال الدين -: إنني لست شاعراً – والاعتراف كما يقول علماء القانون سيد الأدلة – ولكني من هواة الشعر النابض بالحكمة، والمغموس بعطر الحُبّ والمشاعر الانسانية النبيلة، وأراه المرآة الصافية التي تعكس صور الحياة بِكُلّ تلاوينها … -5- ومما قلناه في هذا الباب : إنْ يكُ الكحل زينةً فالقوافي في عيونِ البيانِ أجملُ كُحلِ لِرَتيبِ المقال ظِلٌّ ثقيلٌ ولِحُلوِ الاشعارِ خِفَّةُ ظِلّ الفَراشاتُ تعشق الحقل ريّانَ نديّاً بِزَنْبقاتٍ وفُلِّ ربُ بيتٍ يفوق أَلْفَ كِتابٍ وهو يعلو بما يُثير ويُعلي * ايها الشعر إنَّ لي فيك نجوى وبمحرابِكَ الكبير أُصليّ هَمَسَاتي ذاتي وذوبُ حياتي وقصيدي عُمْري بأصدقِ فَصْلِ أرتوي حينما يزغرد حرفي وتراني ما بين عَلٍّ ونَهْلِ لستُ أرضى عن القوافي بديلاً وبها قد وصلتُ فنّي وَحَبْلي فاذا أُطْفِئَتْ لحوني ووّلتْ فستلقانيَ الصريعَ المُوّلي * يا سميري في وحشتي ورفيقي في دروبِ تُمرُّ طوراً وتُحْلي انتَ زادي واَنتَ كلُّ طُيوبي مثلما انتَ في الملاحم نَصْلي انتَ لي بلسمٌ اذا ضاق صدري وربيعٌ إنْ غَصَّ حقلُ بِمَحْلِ
حسين الصدر