إذا كان الكل يتهم الكل بالتقصير والفساد فمن المتهم.. ومن المقصر ومن الفاشل!؟
هناك معايير بسيطة في عالم السياسة والأخلاق والحكم للتمييز بين الحق والباطل، وفرز الوطني الشريف عن الفاسد الوضيع، وضع قاعدتها العامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام، بمقولته الخالدة:”إن الحق والباطل لا يعرفان بأقدار الرجال، وبأعمال الظن..اعرف الحق تعرف أهله، واعرف الباطل تعرف أهله”!؟
ومن هذه الحكمة العظيمة يمكن أن نستنبط (ميزان الحكم) بين الحاكم والمحكوم وفق المعايير الآتية:
1- اذا رأيت الرجل أصبح ثرياً في السلطة والمنصب، وكان خارجها معدماً فقيراً فقل أنه قد فسد،فالسلطة تفتح ألف باب للفساد والتجاوز على الحقوق وأكل المال الحرام،والاختلاط بين المال الشخصي والمال العام!؟
2- اذا رأيت المسؤول الحاكم يقرب من بطانته وأقربائه وحزبه الجاهل والفاسد والتافه ويوليهم المناصب الخطيرة،ويستبعد الكفوء النزيه من عامة الناس فقل أنه قد خان أمانة الحكم،فنزاهة الحكم في توفير فرص متساوية للعمل والوظيفة والمنصب وفق معايير الشهادة العلمية والتجربة والخبرة والكفاءة والنزاهة،ولعل من مسرحيات الحكم فتح باب الترشيح الإلكتروني لمناصب رفيعة ثم تخرج النتائج وفق المحاصصة الحزبية والمحسوبية!
3- اذا رأيت السياسي بعيداً منعزلاً عن معاناة الناس،ولا يسمع سوى أصوات المتملقين المستفيدين، ولا يراعي مصلحة عامة، ويهتم فقط بمصلحته الشخصية والحزبية فقل إنه قد أصبح حاكماً جائراً،وقد كشفت وسائل التواصل الحديثة والفضائيات عن الهوة العميقة بين واقع الناس وقلاع السياسة الحصينة،وقد لا يكلف بعض السياسيين نفسه الرد على تعليق أو رسالة الكترونية، ويتجاهل أصوات المستغيثين من الظلم والفقر،بعد أن سرق أصواتهم في الانتخابات وتسلق فوق أكتافهم المتعبة!
4- إذا رأيت المسؤول ينظر بعين الانحياز الأعور،فيكون بين يديه المشتكي متهماً، ويكون المتهم مشتكياً، فيصبح لديه الحق باطلاً، ويتحول الباطل حقاً، ويكون الشريف مظلوماً، والفاسد بطلاً،فقد حان وقت السقوط!
5- اذا رأيت السياسي الحاكم يقول ما لا يفعل، ولا يتورع عن الكذب لتسويغ مواقفه، فقل أنه قد سقط في وحل السلطة، وبات ينتظر يوم دفنه!
ضع كل من تعرفهم من حكامنا ومسؤولينا أمام هذه المعايير المتعارف عليها في عالم الدين والسياسة والإدارة..ستجد أن هناك قلة قليلة تنجو منها!..وهذا هو اختبار الحكم فطبقوه،وذلك ميزان الحق بين الحاكم والمحكوم!؟
د. محمد فلحي