قصيدتان لشاعر نوبل “أوكتافيو باث”

ترجمة: أحمد نورالدين رفاعي

ولِدَ أوكتافيو باث في مدينة مكسيكو / المكسيك في 31 مارس عام 1914 لأب مكسيكي، وأم إسبانية وهو شاعر، وأديب، ودوبلوماسي، وسياسي، ومفكر، وناقد مكسيكي. قضـى طفولته كمغتربٍ في أمريكا الشمالية، وساهمَ بدورهِ في الحركات العُمَّالية اليسارية. أسَّسَ أوكتافيو مجلة “براندال” في سنة 1931م، و”دفاتر وادي مكسيكو” سنة 1933م.

يُعد أوكتافيو باث واحدا مِنْ أهم وأكبر شُعراء أمريكا اللاتينية دون مُنازع ونالَ العديد مِنْ الجوائز الكبرى منها جائزة ثيرفانتس وهي أكبر جائزة أدبية تُمنح سنويًا مِنْ قِبل وزارة الثقافة الإسبانية للبلدان الناطقة بالإسبانية عام 1981، وجائزة ت. س. إليوت من الولايات المتحدة الأمريكية عام 1987 وحاز جائزة نوبل العالمية في الأدب على مُجمَل أعماله عام 1990م.

تأثر بالشاعر التشيلي “بابلو نيرودا” وتلاقيا حين زار باث إسبانيا أثناء الحرب الأهلية الإسبانية (1936-1939). كان أوكتافيو من المؤيدين للجمهوريين، وقد أثرت هذه الأفكار.
في أعماله في فترة شبابه، ولكن لَمْ تَدُمِ هذه العلاقة حتى انقطعت بينهما بسبب انتقاد باث لسياسات ستالين – رئيس الاتحاد السوفيتي السابق – بعدها بسنوات أهان نظام فيدل كاسترو – رئيس كوبا الأسبق – ووصفه بالديكتاتور.

اِلتَحَقَ بَعدَ ذلكَ بالسلكِ الدُبلوماسي في عام 1945 وعَمَلَ بِهِ لِمُدة ثلاثة وعشـرون عامًا، وَعُيَّنَ سَفيرًا للمكسيك في كُلٍّ مِنْ فرنسا وسويسـرا والهند واليابان، إلا أنه استقال مِنْ العملِ الدبلوماسي سنة 1968 رفضًا لسياسة حكومته؛ بعد ذلك ظل يعمل في الصحافة. كتب أكتافيو باث في الشعر وَالفن والدين والتاريخ والسياسة والنقد الأدبي، وظهر في كتاباته وقصائده فكرًا سياسيًا بيد أنه لم يكن شاعرًا فحسب بل سياسيًا محنكًا، بالإضافة لكتابة أعمالا كثيرة في دراسةٍ للهويةِ المكسيكيةِ، والمكسيكيين وَمِنْ أهَم وَأشهر مقالاته الطويلة وهي “متاهة الوحدة” الذي أراد بها التعمق، والتوغل داخل أسبار الشخصية المكسيكية. قَالَ عنهُ الناقد والمؤرخ المكسيكي “إنريكي كراوث” قال: أنَّهُ الأكثر حُزنًا، أمَّا عَنْ معنى اِسمه “باث”Paz – فهي تعني بالإسبانية “سَّلام” وَلَكِنَه «لَمْ يَكُن رَجل سلام، فقد كان رجل حرب”.

رَحَلَ أوكتافيو باث عَنْ عُمرٍ تعدى الـ 80 عامًا بَعد صرعٍ مع السرطان عام 1998، مخلفًا للإنسانية أعمالًا أدبية عديدة.


جســــدان 1944

جسدان متقابلان وَجْهٌ لِوَجْهٍ
أَحْيَانًا يكونان موجتين
والليل مُحيط.

جسدان متقابلان وَجْهٌ لِوَجْهٍ
أَحْيَانًا يكونان صخرتين
والليل صحراء.

جسدان متقابلان وَجْهٌ لِوَجْهٍ
أَحْيَانًا يكونان جَذْرَيْنِ
والليل حزمة.

جسدان متقابلان وَجْهٌ لِوَجْهٍ
أَحْيَانًا يكونان شفرتين
والليل بريقهما.

جسدان متقابلان وَجْهٌ لِوَجْهٍ
أَحْيَانًا يكونان نجمتين واقعتين
في فراغ السماء.
تأبين لشاعرٍ مجهول 1944

أراد أنْ يُغنِّي، يُغنِّي
كي يَنْسَى

حَياتهُ حَقِيقَةٌ مِنْ أَكَاذِيب
وَيَتَذكَّر

كِذْبَتَهُ.. حَياةٌ مِنْ حقائق.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة