دولاران لبرميل الخام في تكساس
الصباح الجديد ـ وكالات:
تراجعت أسعار الخام الأميركي بدرجة كبيرة في الآونة الأخيرة إذ وصل سعرها دولارين للبرميل وإلى أقل من صفر في تكساس، ما يعكس حجم الأزمة الحالية جراء تنامي مخزونات الخام في البلاد.
ويأتي هذا بفعل انهيار الطلب وتضخم الإمدادات وضعف القدرة على التخزين، نظرا لأزمة تفشي فيروس كورونا المستجد وانعكاساتها على السوق.
وظلت أسعار النفط في حالة أزمة حتى بعد إعلان منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ومنتجين آخرين عن اتفاق لخفض الإنتاج 10 ملايين برميل يوميا.
وكالة بلومبرغ قالت إن تراجع الأسعار قد يزيد من احتمال أن يضطر المنتجون في تكساس قريبا إلى دفع المال للعملاء للتخلص من براميل النفط التي بحوزتهم، على غرار خام وايومنغ الذي عرض بسعر سالب 19 سنت الشهر الماضي.
وقال آندي ليبو، رئيس شركة ليبو أويل أسوشيتس في هيوستن: “لم أر قط تحول خام تكساس إلى سعر سلبي”، لكنه حدث من قبل.
وقد تستمر العروض في الانخفاض إذا استمرت العقود الآجلة بالتدهور بالنسبة لخام غرب تكساس، الوسيط القياسي، إذ فقدت العقود ثلاثة أرباع قيمتها هذا العام، في الانهيار.
وقد أغلق خام غرب تكساس الوسيط دون 20 دولارا للبرميل هذا الأسبوع للمرة الأولى منذ عام 2002.
ويترقب العالم التراجع الحاصل في أسعار النفط في ظل مخاوف من تدهورها لمستويات غير مسبوقة، ويرى خبراء أن هذه الاحتمالية قائمة حتى الآن مع عدم إعلان الدول التي لم تنضم لاتفاق “أوبك +” الأخير خفض إنتاجها.
ويرى الخبراء أن كمية الخفض المتفق عليها مؤخرا (9.7 مليون برميل يوميا) غير كافية لاستقرار أسعار النفط، وأن “اوبك +” خفضت أقصى كمية يمكن أن تخفضها، وأن على الدول الأخرى خفض إنتاجها، خاصة في ظل استمرار تراجع الطلب على النفط مع توقف النشاط الاقتصادي حول العالم.
ويقول حمزة الجواهري الخبير النفطي العراقي، إن عدم انضمام أميركا للخفض لا يعني الكثير، خاصة أنها لديها النفط الصخري والنفط في خليج المكسيك في المياه العميقة كلفة إنتاجه تزيد على 40 دولارا ويصل بعضها إلى رقم أكبر من ذلك.
ويضيف في حديثه لـموقع “سبوتنيك” الروسي، أن هذا النفط سيخرج من السوق رغما عن أميركا، خاصة أن كميات النفط المستخرج من هذه الأنواع لا تقل عن ٥ ملايين برميل، مبينا، أن الولايات المتحدة لا تريد إلزام نفسها بما لا تريد أن تفعله، مضيفًا: “على سبيل المثال حصة العراق من التخفيض مليون و٦١ ألف برميل يوميا، لو كانت ضمن الاتفاق فكان بإمكانها تعويض حصة العراق من دون أن تخسر أي شيء، لكنها لا تريد أن تفعل ذلك، لأن العراق مستهدف من قبلها بشكل غير معلن”.
ويرى أن مسألة إجبار أميركا على الانضمام غير واردة، خاصة أنها تعلمت من مشاركاتها العالمية الأخرى، حين خرجت منها بوجه أسود، أخرها الخروج من منظمة الصحة العالمية.
وعقب الاتفاق الأخير لـ”أوبك +” توقع الخبراء أن أسعار النفط ستستقر فترة، إلا أن هذه التوقعات كانت مبنية على انضمام الدول الأخرى من خارج “أوبك”، لكن هذه الدول لم تعلن حتى اليوم خفض إنتاجها.
في هذا الإطار يقول الدكتور محمد الصبان المستشار الاقتصادي والنفطي الدولي، إنه كان من المتوقع أن يدفع اتفاق “أوبك +” الدول الأخرى للانضمام لخفض الإنتاج.
ويضيف، أن الدول التي لم تشارك في التخفيض مثل الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والبرازيل والنرويج، كان عليهم إعلان تخفيض إنتاجهم، خاصة أن اتفاق “أوبك +” لن يكفي لتغطية الإنخفاض والتدهور الذي حدث في الطلب العالمي للنفط نتيجة أزمة كورونا.
ومع عدم تخفيض النسبة الأخرى التي أشير لها في وقت سابق والتي تبلغ نحو 5 مليون برميل يوميا، تظل عملية تراجع الأسعار قائمة، خاصة في ظل التراجع على الطلب العالمي وارتفاع الفائض في الأسواق.
وبشأن هذه الفرضية يشير الصبان إلى خطورة الوضع وأن تدهور الأسعار يمكن أن يتدنى إلى 10 دولارات، حال عدم خفض الدول الأخرى إنتاجها.
ويرى أنه حال فتح المجال تدريجيا واستعادة النشاط يمكن أن تعاود الأسعار الارتفاع مرة أخرى، إلا أن الأزمة تكون خلال الفترة الزمنية اللازمة لعودة هذا النشاط تدريجيا.
ويشدد على أن تحالف “أوبك +” بلس وصل إلى الحد الاقصى من التخفيض الذي يمكن أن يقدمه، وأن الكرة أصبحت في ملعب كبار المنتجين الذين لم ينضموا إلى الخفض حتى الآن، وأن الجميع أصبح أمام مسؤولية تحقيق استقرار الأسعار.
وفشلت دول “اوبك +” يوم 6 آذار الماضي، في الاتفاق على تغيير معايير الصفقة لخفض إنتاج النفط أو تمديده. وبينما اقترحت روسيا الحفاظ على الشروط القائمة، عرضت المملكة العربية السعودية زيادة خفض إنتاج النفط.
ونتيجة لذلك، تم رفع القيود المفروضة على إنتاج النفط في الدول الأعضاء في التحالف السابق اعتبارًا من 1 نيسان. وانخفضت أسعار النفط في آذار لهذا السبب وكذلك مع تفشي الفيروس التاجي. لكن هذه الدول توصلت ضمن اجتماعات مجموعة “أوبك +” في 12 نيسان 2020، إلى اتفاق على خفض إنتاج النفط على ثلاث مراحل، على أن تبدأ عملية الخفض بمقدار 9.7 مليون برميل يوميا من أيار إلى حزيران، ومن ثم 7.7 مليون في النصف الثاني من العام و 5.8 مليون أخرى حتى نهاية نيسان 2022.