“خان اجغان” معاصر !

عامر القيسي

بغداد كانت في بدايات القرن الماضي مشهورة بالخانات بسبب النشاط التجاري الذي يجري فيها او بسببها، وتلك الخانات كانت باسماء مختلفة الا ان مابقي عالقا في الذاكرة الجمعية الشعبية هو “خان اجغان” ، وهو تعبير عن عدم حرمة مكان ما فيقال عنهٍ “خان اجغان” لان بامكان اي شخص ان يدخل اليه ويخرج منه من دون اية ضوابط وتحديدات ، وهناك قصص عن الخان والخانات اختلفت رواياتها واصولها ومعانيها ، باستثناء دلالة الفوضى فيها !

رباط كلامنا ان بلدنا ربما تحول الى “خان اجغان” برغبتنا ومن دونها فاميركا تقرر ارسال جنود لحماية سفارتها دون التشاور مع الحكومة، كما اعلنوا، والشيء نفسه فعله الاستراليون أو سيفعلونه، فيما العرب يدخلون ويخرجون مع داعش ومن داعشها، طبعا من دون الحاجة لمراجعة سفاراتنا، وهي من لياقتنا الاخوية مع اشقائنا .. وتدخلات الجوار التركية والايرانية فلا نعرف اسرارها ولا نعرف الا المعلن منها.. اما عدد التنظيمات التي اعلنت حملها السلاح مع وضد الحكومة .. مع وضد الارهاب .. مع وضد المالكي..مع وضد العملية السياسية ..فلا حصر لها لا بالانواع ولا بالجنسيات ولا بالاسماء !

والادهى من كل ذلك ان الجميع يهدد الجميع ويحذرهم من التدخل بالشأن العراقي في مشهد لاشبيه له الا في الحرب الاهلية اللبنانية في سبعينيات القرن الماضي والانموذج السوري الحالي، الذي طالما نهدد به على رؤوس الاشهاد !

والادهى من الاثنين معا ان كل هذا الهرج والمرج في “خان اجغاننا” ان الاطراف المشتركة في صناعة الفوضى في العراق لها جيادها الخاصة الشبيهة بحصان طروادة، والفرق بين الاثنين ان حصان طروادة حسم موضوع الحرب في ليلة الخديعة واراح الناس من زمن طويل للاحتراب والقتل ، فيما جياد العراق تتلذذ بعذاباتنا اليومية ، وهي عاجزة عن ان تحسم ايا من الامور، بوجود حكومة أصبحت لتصريف الاعمال فيما البقية تعمل على وفق نظرية تصريف الدماء !

مشهد البلاد على هذه الشاكلة تعبير عن عجز الطبقة السياسية التي تولت قيادة عملية سياسية عرجاء أوصلت البلاد الى ما هي عليه من فوضى لو استمرت على هذه الحالة ، سنجد انفسنا امام “خان اجغانات” متعددة ومتقطعة الاوصال ستضرب بها الامثال بعد عمر طويل للجميع !

والادهى من كل ذلك أيضا، ان هذه الطبقة التي فشلت في قيادة البلد ، باختلاف مستويات المسؤولية لمكوناتها ، مازالت تتحدث الينا بكل صلافة وانعدام لروح المسؤولية كما لو اننا في ربيع تجربتنا ، وان ضخامة ما يحصل في البلاد ومأساويته،ليس الا كبوة حصان ، بانخراط تام مع اعلاميين مهمتهم تسويق مثل هذا الخطاب البائس والتضليلي ..

على هذه الطبقة الجامدة ان تمتلك الشجاعة الكافية للاعتراف بما نحن عليه وعن مسؤوليتها الكاملة عن صناعة هذا المشهد المخزي لبلد مثل العراق .. وعليها ان تمتلك الجرأة لطرح افكار ومبادرات غير تقليدية،تعالج بها جملة اخطائها التي رسمت للبلاد مشهدا متخما بالفوضى غير الخلّاقة ، وسائر الى مديات نتمنى ان لانراها !!

 

 

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة