تحديات رئيس مجلس الوزراء المكلف

سلام مكي

لا يختلف اثنان على أن الظروف التي تم بها تكليف السيد عدنان الزرفي لتشكيل حكومة جديدة بعد اعتذار السيد محمد توفيق علاوي صعبة ومعقدة للغاية، ليس للبلد فحسب، بل للعالم أجمع. هناك معركة كبيرة طرفاها العالم بأسره ومن بينه العراق، والطرف الآخر، عدو خفي، غير مرئي، لا يعرف أحد إمكانياته ولا قدراته، تتم محاربته وفق الامكانيات المتوفرة. هذا العدو هو فايروس كورونا المستجد، الآخذ بالتمدد والتوسع في جميع دول العالم ومنها العراق، الذي يشهد وللأسف تزايد اعداد المصابين به يوميا، وسط اجراءات مشددة وتزداد شدة بشكل مستمر من قبل الجهات الأمنية المختصة، ومن تلك الاجراءات هو فرض حضر التجوال وعزل المدن والمحافظات. هذا الفايروس الذي عطّل الحياة العامة، والسياسة، كان لها نصيب كبير من التعطيل. لكن وجود مدة محددة للرئيس المكلف، تستدعي منه العمل بشكل يومي ومستمر لغرض تأمين إنجاز تشكيلته الحكومية بغية عرضها على مجلس النواب لغرض التصويت عليها بالموافقة أو الرفض في الموعد المحدد. ولم تقف التحديات التي يواجهها الرئيس المكلف عند كورونا، بل ثمة بداية أزمة لا تقل فداحة وخطرا على البلد، وهو الاقتصاد الذي سيعاني من محنة كبيرة، تتمثل بانخفاض أسعار النفط بشكل كبير وغير متوقع، مما يهدد كيان الدولة ووجودها، ذلك أن أهم مرتكزات وجود أية دولة وليس العراق فقط، هو الاقتصاد والموازنة العامة للدولة. وكون أن خزينة الدولة مهددة بخسارة مبالغ كبيرة جراء تدهور أسعار النفط. فالخزينة قائمة وبشكل كامل على النفط، الذي هو المورد الأساس والأول لها، وانخفاض أسعاره الى نسب كبيرة، تتجاوز نصف المتوقع، يعني عدم قدرة على إيفاء الدولة التزاماتها تجاه مواطنيها، خصوصا الموظفين. ناهيك عن كثرة الديون الخارجية التي تتطلب تسديد اقساطها بشكل سنوي. لعل تحدي كورونا وانخفاض أسعار النفط ليسا الوحيدان، بل هنالك تحديات أخرى، تتمثل بمدى إمكانية قبول الرئيس المكلف لدى مجلس النواب، خصوصا وأنه المكلف الثاني، بعد علاوي، وإن عدم تمرير حكومته يعني الدخول في أزمة دستورية وسياسية كبيرة قد لا يتمكن البلد من تجاوزها في ظل هذه الظروف التي يحتاج العراق فيها الى حكومة كاملة الصلاحيات، تتولى مسؤولية قيادة البلد، نحو تلافي الخسائر في الأرواح والأموال. المطلوب من الكتل السياسية، أن تتجاوز خلافاتها وتفكر بمصلحة البلد، قبل كل شيء، لتجاوز هذه المحنة، وبخلافه فإن أوضاع البلد، ستكون أكثر سواءً، وستحدث تبعات مالية واجتماعية لم تكن في الحسبان. فخطر كورونا وخطر الموازنة وخطر الارهاب، لا يمكن التعامل مع كل تلك الأخطار دون وجود حكومة قوية، دائمة، قادرة على اتخاذ القرارات الحاسمة لحماية مواطنيها، خصوصا وأن حكومة السيد عبد المهدي، غير قادرة على اتخاذ أي قرار مصيري أو مهم، بسبب الوضع الدستوري لها.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة