متابعة الصباح الجديد :
تحول شعر ماري أنطوانيت إلى اللون الأبيض فجأة قبيل نقلها إلى المقصلة لقطع رأسها، وفقاً لبعض الروايات التاريخية التي وثقت المصير المأساوي لهذه الملكة الفرنسية. وبرغم غرابة ما حدث إلا أن العلم الآن ربما يقدم تفسيراً.
وتشير تقارير حديثة إلى تحول الشعر إلى اللون الأبيض قبل الأوان لدى الناجين من الهجمات بالقنابل خلال الحرب العالمية الثانية، في حين رأى طيار في شركة طيران أسترالية شعره أبيض في الأشهر التي أعقبت هبوط طائرته بعد فشل جميع المحركات الأربعة في أوائل الثمانينيات.
وبرغم وجود الكثير من الأدلة القصصية التي تشير إلى أن الشيب المبكر يمكن أن يكون سببه التوتر الشديد، إلا أن صحة ذلك من عدمه والكيفية التي يحدث بها كانت أموراً غير مفهومة على نطاق واسع.
والآن، يعتقد علماء في جامعة هارفارد أن لديهم الجواب في الأقل للفئران.
ويقول الباحثون إنهم يعتقدون أن الأمر يرجع إلى الجهاز العصبي الودي، المسؤول عن تفعيل استجابة ما يسمى› «المواجهة أو الهرب» عند التعرض للخطر.
ربما يكون للحيوان الذي تحمل قدراً كافياً من التوتر وحصل على الشعر الأبيض مكان أعلى في النظام الاجتماعي من حيوان آخر ابيضّ شعره فقط بسبب تقدم العمر
وتنقل شبكة «سي أن أن» الأميركية عن ياتشيه سو، بروفيسورة الخلايا الجذعية وعلم الأحياء التجديدي في جامعة هارفارد قولها «تحت الضغط، تصبح أعصابنا الودية نشطة للغاية.. ومن المفترض أن يكون تنشيط الجهاز العصبي الودي تحت الضغط أمراً جيدا».
وتوضح سو، وهي أحد كبار مؤلفي الدراسة التي نُشرت في المجلة العلمية «نيتشر» أن تفعيل جهاز الأعصاب الودية يؤدي إلى استجابة «المواجهة أو الهرب» من خلال الناقلين العصبيين أو ما يعرف بالنورادرينالين، وتضيف أن هذا الأخير «يسرع دقات قلبنا ويسمح لنا بالرد بسرعة على الخطر من دون الحاجة إلى التفكير في الأمر.»
وتتابع «مع ذلك، فإن النورادرينالين هو نفسه الذي يظهر أنه ضار للخلايا الجذعية الصباغية على مستوى عالٍ، ويؤدي إلى فقدانها».
والخلايا الجذعية الصباغية موجودة في بصيلات الشعر ومسؤولة عن تحديد لونه. وبشكل طبيعي عند البشر، تستنزف مجموعة هذه الخلايا مع تقدم العمر، مما يجعل لون الشعر أبيض وينضب الصبغ.
ويقترح الفريق البحثي أن خسارة هذه الخلايا بسبب الإفراط في إفراز النورادرينالين قد يؤدي إلى ظهور الشيب قبل الأوان بكثير.
ويعتقد الباحثون أن التوتر الحاد قد يؤدي إلى هجوم مناعي على الخلايا الجذعية المنتجة للصباغ أو أن اللوم يقع على هرمون الكورتيزول لأن مستويات الكورتيزول ترتفع تحت الضغط. وتقول سو إنهم مروا بالعديد من الاحتمالات المختلفة قبل التركيز على الجهاز العصبي الودي.
وتضيف: «لقد فوجئنا حقاً عندما وجدنا أن الجهاز العصبي الودي هو المتهم، لأنه يُنظر إليه عادة على أنه نظام مفيد، أو في الأقل يمكن أن يتم إصلاح أي خلل يتسبب به».
وقالت الباحثة إن نتائج الدراسة قد تساعد في تسليط الضوء على تأثيرات التوتر والاجهاد على شتى الأعضاء والأنسجة، وتمهيد الطريق أمام دراسات جديدة تسعى إلى تعديل أو منع الآثار الضارة للتوتر.
من جهة ثانية، قال كل من شايلا كلارك وكريستوفر ديبمان، وهما باحثان من برنامج الدراسات العليا في علم الأعصاب بجامعة فرجينيا إنه من المثير للاهتمام النظر في الميزة التطورية المحتملة التي يمكن أن يمنحها الشيب الناجم عن التوتر.
وأضافا «لأن الشعر الأبيض غالباً ما يكون مرتبطاً بالعمر، فقد يكون الآن مرتبطاً بالتجربة والقيادة والثقة. ربما يكون للحيوان الذي تحمل قدرا كافيا من التوتر وحصل على الشعر الأبيض مكان أعلى في النظام الاجتماعي من حيوان آخر ابيضّ شعره فقط بسبب تقدم العمر».