تعد ممارسة الرياضة واحدة من ظواهر تحضر وتطور البلدان وهي من العوامل الرئيسة في استقرار وسعادة الشعوب كونها تمثل متنفسا للتقليل من حالات الجهد وضغوطات الحياة اليومية فضلاً عن الشعور بالصحة والاسترخاء الذي يبعث على الحيوية التي تجعل من الشخص في قمة عطائه سواء الخدمي أو الوظيفي وبالتالي وجود مجتمع سليم غير سقيم يوفر على الدولة أموال الاستطباب والشفاء! إضافة إلى إشاعة روابط المحبة والتواصل وبالتالي صيانة المنظومة الاجتماعية بعامل التماسك الاجتماعي الناتج من ذلك التواصل، ولعل الأجيال التي مارست الرياضة في السبعينيات والثمانينيات مازالت تتمتع بعلاقات رائعة لا تكاد تغيب عن ذاكرة تلك الأجيال التي ظلت تعيش حالة من الظمأ الذي لا يروى والحنين إلى تلك العلاقات التي لا تكرر ونقضوا بحنينهم هذا إلى ذلك الماضي وعلاقات الفطرة السليمة الحكمة التي تقول:( كلنا يحن إلى الماضي ولو عاد للعناه).
وكون ممارسة الرياضة على مستوى شعبي تتحقق بوجود الملاعب والفضاءات العامة التي تكفل ممارسة اكبر عدد من أبناء المجتمع للرياضة مثل (ساحات الفرق الشعبية ـ المراكز الرياضية ـ الحدائق العامة )، حيث شكلت تلك الاماكن مصانع لإنتاج إبطال في جميع الرياضات المختلفة فالكثير من نجوم كرة القدم العراقية مثلاً بدوا خطوتهم إلى النجومية والتألق من تلك الساحات الشعبية ومثلوا الأندية والمنتخبات الوطنية واسهموا في ارتقاء المنتخبات الوطنية لمنصات التتويج في الكثير من البطولات الدولية.
ما دعاني إلى سوق تلك المقدمة هو حال الرياضة الحالي، سيما كرة القدم بالخصوص وما آلت إليه ساحات الفرق الشعبية ومراكز الشباب في مدينة الصدر التي تعد برازيليا العراق ولا تكاد تخلوا قوائم المنتخبات العراقية على مدى مسيرتها الكروية لأكثر من اسم من أبناء المدينة مثل تلك المنتخبات كان قد صقل موهبته ومهاراته الكروية في تلك الساحات الشعبية، وقد راعني تحول ساحات كروية شعبية عريقة إلى استخدامات غير كروية، والبعض منها قد انحسر بسبب زحف الأسواق وبعض المنشآت عليه، بالتالي يقتصر على فئة قليلة استحوذت عليه باجتهاد شخصي وجعلته مصدر للاسترزاق! ما أدى الى عزوف الكثيرين عن ممارسة هوايتهم المحببة ومعشوقتهم كرة القدم وهكذا هو حال مراكز الشباب التي تم تسييجها وقفلها بحجة المحافظة على منشآتها واقتصار المنفعة على فئة صغيرة من البراعم وحرمان الكثير من الكبار والصغار من دخولها كونها مؤسسات حكومية!.
ترى لماذا وجدت المؤسسات الحكومية وما هي الغاية منها ولماذا لا نشعر الجميع بالجزئية ونشيع ثقافة المسؤولية؟! ونحول تلك المؤسسات الى استخدامات عامة ليست حصرية على فئة معينة وبالتالي ضياع الهدف الاسمي من بناء المنشآت الرياضية فنحن ندرك أن ممارسة الرياضة تحفظ الشباب من الانزلاق الى متاهات قد تهدد المنظومة القيمية للمجتمع، ومن ثم أرباك الدولة ومن هنا نوجه نداءنا إلى المعنيين والمسوؤلين على المفصل الرياضي أن يهتموا بتأهيل الساحات الشعبية وتوفير الفضاءات الرياضية لأبناء مدينة الصدر فالمدينة ولود بالطاقات الرياضية شريطة توفر الامكانات.
- صحفي رياضي
جواد ابو رغيف