في الذكرى ال99 لتأسيسه في 6 كانون الثاني 1921
هاشم مهدي السوداني
يحتفل العراقيون كل عام بذكرى تأسيس جيشه الباسل هذا الجيش العريق عبر مسيرته الظافرة وتضحياته الكبيرة حيث تمر علينا الذكرى ( 99 ) لتأسيسه في (6/ كانون الثاني/1921) … وبانتهاء الحرب العالمية الاولى (1914 – 1918) انتهى العهد العثماني في العراق وبدأ البريطانيون المحتلون يتحكمون بالبلاد ناقضي العهود التي اشاعوها مدعين تحرير البلاد … الآ أن الاستعمار الجديد أستمر بأساليب القمع والظلم وإذلال الشعب خلافاً للوعود التي تعهدوا بها خلال الحرب وبعدها ، وتمر السنوات واساليب الاستعمارالمهينة وهو يستمر بالمراوغة والمماطلة بتدني الاوضاع ولم يتحقق للشعب ( السلام والحرية والعيش الرغيد المنتظر) بل استهتر المحتلون بحقوق ومقدرات الشعب وازداد الوضع سوء … وهنا اجمع قادة الثورة العراقية لوضع الحلول بحمل السلاح بوجه السلطة الانجليزية المتحكمة بوضع البلاد وتبدأ الشرارة الاولى عند واقعة الرميثة فاتحة الكفاح الحقيقي للتحدي واندلاع الثورة العشرينية في اخر يوم من شهر حزيران عام 1920 هذا اليوم التاريخي الذي هبت به العشائر العراقية الاصيلة على اثر اعتقال (الشيخ شعلان ابو الجون ) شيخ قبيلة الظوالم – بني حجيم – ليكون الانعطاف الكبير الذي احرج الاستعمار البريطاني البغيض وحناجر الثوار تردد ( الطوب احسن لو مكواري ) . فجلس المحتل مضطراً للتفاوض …
وفي (25/ تشرين الاول / 1920) تم تشكيل رئاسة الوزراء المؤقتة برئاسة عبد الرحمن النقيب وضمت حكومته أول وزير دفاع ( الفريق – جعفر مصطفى العسكري ) وهكذا شرع قادة الضباط العراقيين بتنظيم دوائر وزارة الدفاع وليكون يوم ( 6 / كانون الثاني / 1921) تاريخا مجيدا تم فيه تأسيس جيشنا المقدام وعقد اول اجتماع رسمي وتم فتح دوائر الوزارة حيث كان المقر العام للجيش العراقي ( بقصر عبد القادر باشا الخضيري )
وكانت البداية تشكيل دوائر ( الحركات – الادارة – اللوازم – الطبابة – المحاسبات ) وقد تولى اول منصب لرئاسة اركان الجيش الباشا نوري سعيد وهذه النواة أسست الجيش بعشرة عراقيين كانوا في جيش الحجاز والذين حاربوا الدولة العثمانية حيث امتلك الجيش خبرة هؤلاء الضباط وغيرهم ووضعوا خطوات كبيرة ورصينة أبتدت بتشكيل اول فوج في الجيش العراقي وكان باسم (فوج الامام موسى الكاظم ع ) وتلا ذلك تشكيل الافواج والتشكيلات وقيادات الفرق ليخطط باكتمال القوات الثلاث ( البرية – الجوية – البحرية ) .. واصبحت للجيش صولات وجولات في الانتفاضات والثورات والحرب ضد الصهاينة مما ترسخ في العقلية العراقية مشروعية الاستعانة بالجيش بامور كثيرة ليتم حسمها … حتى جاءت ثورة 14 تموز 1958 المباركة التي انهت الحكم الملكي واعلان ( الجمهورية العراقية ) وبتأييد شعبي واسع الا ان هذه التطلعات التي حققتها الثورة للكادحين من عمال وفلاحين بل ولكل الشعب العراقي لم تدم بعد ان طالتها المؤامرات الرجعية والدكتاتورية لتقود انقلابا مشبوها في ( 8 شباط 1963 ) وتجرأ المجرمون باعدام قائد الثورة ( الزعيم الوطني الشهيد عبد الكريم قاسم ) ليمر العراق بمحنة سوداء ومما ( زاد الطين بلة ) تسلم الحكم من عام 1963 وطيلة اكثر من ( اربعة عقود ) من قبل زمرة من القتلة والمجرمين لتقع البلاد بمحن واحزان وحروب التي ادخلت البلاد والمجتمع العراقي بجميع طوائفه واديانه وقومياته بالمزيد من المأسات لا سيما دوامة الحروب التي راح ضحيتها خيرة الضباط والجنود والشباب حيث كانت اوامر السلطة الجائرة تحكم البلاد (بالحديد والنار ) حتى انهار المجتمع باكمله والكل يبحث عن ملاذ للهرب من المتسلطين الذين اباحوا الدم العراقي وكان الجيش العراقي الضحية الاولى عندما اجبر على الابتعاد عن مهنيته العسكرية حتى تدنت المستويات والمعنويات وطمر كل نفس وطني ، سيما بعد قرارات الامم المتحدة التي اثرت على لقمة عيش الشعب العراقي ليفقد كل امل .. وفي اذار عام 2003 اعتدت القوات متعددة الجنسية بحربها الشاملة على البلاد وادت الى احتلال العراق وسقوط النظام.. وبتاريخ 26 ايار 2003 اصدر الحاكم الاميركي المنصب على العراق (بول بريمر) قراره سيىء الصيت ( بحل الجيش العراقي ) .. هذا القرار الذي عرض البلاد الى الخراب وفتح الحدود على مصراعيها امام اعداء العراق من الارهابيين والمفسدين والطامعين والمخربين وطال خرابهم جميع مؤسسات الدولة لتدخل البلاد بدوامة فقدان الامن والتخريب المتعمد والنهب والسلب والقتل ، وهنا دعت الحاجة لاعادة الجيش على وفق عقيدة تعتمد الدفاع عن الوطن واحترام دول الجوار وبناء افضل العلاقات لترسيخ الامن والسلام في المنطقة والعالم ، وفي مطلع عام 2004 فتحت ابواب التطوع لاستيعاب الشباب واعادة منتسبي الجيش للاستفادة من خبرتهم لبناء بلدنا .
بعدما قام جيشنا البطل بالتصدي للمعتدين الدواعش والارهابيين والمخربين ومن دفعتهم اجندات حاقدة وبكل بسالة اثبت الجيش هويته العراقية الاصيلة ودحر المخططات الخبيثة التي كانت تريد تدمير بلدنا حتى انبرى ابطال العراق بجيشه المقدام للقتال ويعيد مكانته وهيبته بين جيوش العالم وهو يروي الارض بالدماء الزكية والتضحيات الغالية وقد حرر الارض وصان العرض تسانده بذلك قوات عراقية مخلصة بعناوين وطنية صادقة لهذه التربة المقدسة ، لذلك نحتفل اليوم بالذكرى (99) لتأسيس هذه الجحافل المباركة ونحن نتعطر بذكر كل الذين وضعوا القواعد الاساسية الصحيحة وبنوا الجيش وخدموا البلاد بعز وشرف ليسلموا الامانة لأبناء العراق الذين كانوا أهلا للمسؤولية.
وبهذه المناسبة نستذكر باجلال وفخر واعتزاز شهداء العراق ولا ننسى الدماء التي روت الارض بالارواح الطاهرة التي ضحت من اجل وحدة العراق الحبيب ويبقى بلدنا قبلة لكل المخلصين الذين ترسخت قلوبهم بحب العراق والتضحية من اجل ارضه وشعبه.
- خبير قضائي