انشغال الدولة بالتحديات الامنية والسياسية لايعفيها من مسؤولية ايجاد الحلول للملفات الاقتصادية والاجتماعية ..طوابير من العاطلين عن العمل تنتظر العثور على فرص التوظيف في القطاعين العام والخاص فيما تتعاظم مشكلة الحاصلين على الشهادات العليا والشهادات الاولية وتضيق امامهم آفاق المستقبل ويتفق معنا كثيرون في ان حزمة المشكلات الاجتماعية في العراق تترك اثارا نفسية عميقة في صفوف المجتمع ولاول مرة يشهد المجتمع العراقي تصاعدا في حالات الانتحار حيث لايمر شهر واحد من دون ان تنشر لنا وسائل الاعلام اخبارا جديدة عن حالة انتحار في مدن عراقية مختلفة وفي جانب آخر تتسارع ارقام حالات الطلاق في المحاكم يقابلها مشاهد من الخلافات العشائرية والعائلية التي تنطلق اسبابها في الاغلب من مشكلات اجتماعية واقتصادية تتعلق بالفقر والحرمان والفساد وضعف سلطة الدولة في تطبيق القوانين الى جانب ذلك تنتشر في بغداد والمحافظات مجاميع واسعة من المتسولين يشكلون مظهرا من مظاهر الشقاء في العراق فيما ينخرط الالاف من الصغار في اعمال شاقة في الاسواق التجارية واسواق العمل وجلهم ممن تركوا التعليم في المدارس واتجهوا الى هذا الميدان لمساعدة واعالة عائلاتهم وامام كل هذه المشاهد لانرى جهودا حقيقية للدولة العراقية بعناوينها التشريعية والتنفيذية للوقوف على الاسباب التي وصلت اليها الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد وفي الوقت نفسه تفتقر الادارات المؤسساتية لأية خطط لمواجهة هذه التحديات الكبيرة واذا كان هناك من حلول فهي مجرد افكار واراء ومشاريع قرارات مسطرة على الورق في البرنامج الحكومي الذي طرحه السيد عادل عبد المهدي عشية اختياره لرئاسة الوزراء وكل ذلك لايشفي جروحا نازفة انهكت مجتمعنا وبات الكثيرون لايصدقون بهذه الوعود مع تقادم الاعوام وتبدل طواقم الرئاسات الثلاث وغير خاف على احد بان الانتكاسات الامنية التي شهدها العراق خلال السنوات المنصرمة كان احد اسبابها المهمة هو الاهمال الكبير للملفات الاقتصادية وغياب الدعم الحقيقي للحاجات الخدمية للمواطن العراقي بحدودها الدنيا وشيوع الفساد المالي والاداري الذي يلمسه الافراد في مراجعاتهم اليومية للمؤسسات الخدمية ومن هنا يمكن قرع نواقيس الخطر مجددا من تحول هذه الملفات الخطيرة الى واقع جديد تتكرر فيه مشاهد الاختراقات الامنية والتغرير بالاف الشباب العاطلين عن العمل والدفع لانخراطهم في مشاريع مشبوهة تستهدف الامن والاستقرار في العراق وعلى الحكومة الحالية العمل وبشكل حثيث لتلافي الوقوع في الاخطاء السابقة وانتشال الواقع الخدمي وايجاد الحلول لحزمة من المشكلات الاجتماعية التي تعصف بحياة العراقيين في مقدمتها توسيع فرص التوظيف واستيعاب الاف الخريجين ودعم الاسر الفقيرة .
د. علي شمخي