تحت عنوان «سياسة بريطانيا تجاه القضية الكردية»
السليمانية ـ عباس كاريزي:
تسليط الضوء على كل ما يتعلق بالسياسة البريطانية تجاه كردستان، ومحاولة كشف الوثائق البريطانية التي تبحث في مستقبل الكرد في المنطقة منذ أن وطأت أقدام الساسة البريطانيين كردستان بداية القرن التاسع عشر وحتى سنة 2017، ومعرفة مقاصد وأهداف السياسة البريطانية تجاه كردستان، كانت مواضيع بحث ودراسة لعشرات الباحثين والاكاديميين، المشاركين في المؤتمر الدولي الثالث لجامعة زاخو.
كلية العلوم الإنسانية بجامعة زاخو اقامت على مدار ثلاثة ايام، مؤتمرها الدولي الثالث تحت عنوان «سياسة بريطانيا تجاه القضية الكردية» بمشاركة وزير الموارد المائية العراقي الاسبق الدكتور لطيف رشيد وعدد من اعضاء البرلمان العراقي والكردستاني واكاديميين واساتذة جامعات كرد واجانب.
وسجل المؤتمر في نسخته الثالثة حضورًا ومشاركة إقليمية ودولية فاعلة، وقال الدكتور هوگر طاهر توفيق مدير مركز زاخو للأبحاث الكردية ان (٣٢) بحثا تم اعتمادها شاركت في أعمال المؤتمر من مجموع (٥٥) بحثا قدمت.
واضاف، ان الوصول إلى إجابات علمية مقنعة تستند إلى المنهج العلمي في معرفة أبعاد السياسة البريطانية تجاه كردستان، وعلى ماذا استندت المملكة المتحدة في تحديد وتنفيذ سياستها تجاه كردستان؟، كانت من اهم الأسئلة التي طرحت والتي ركزت عليها البحوث المقدمة في المؤتمر.
واوضح طاهر، ان الباحثين المشاركين في المؤتمر قدموا بحوثا تركزت، اغلبها في البحث عن دور الكرد وتأثيرهم على سياسة المملكة المتحدة، ودور الأقليات في دفع بريطانيا إلى سلك تلك السياسة تجاه الكرد، وكيف وقعت بريطانيا تحت التأثر، العربي الفارسي التركي في رسم سياساتها تجاه الكرد، والسبب وراء عدم التقاء المصالح الكردية مع البريطانية تاريخيًا؟.
بدوره القى وزير الموارد المائية السابق المستشار السابق في رئاسة جمهورية العراق الدكتور لطيف رشيد كلمة، بعد ان رحب بالبحوث التي قدمت في المؤتمر، القى خلالها الضوء على سياسة بريطانيا تجاه الكرد، بدءًا من انهيار الإمارات الكردية وانتهاء الحكم فيها مرورًا بالثورات والحركات الكردية التي قادها رموز الكرد ضد الأنظمة التي حكمت كردستان، وتناول فيها نشاط المملكة المتحدة وسياستها في المنطقة ولجوء البريطانيين إلى اتخاذ أرض كردستان ساحة لهم في المنطقة تخدم مصالحهم نظرا للموقع الاستراتيجي، وما تمتاز بها كردستان من موارد وثروات طبيعية.
واكد الدكتور لطيف رشيد في كلمته ضرورة الاستفادة من تأريخ شعب كردستان وعدم البقاء في الماضي، وتحقيق الاستفادة من التجارب السابقة لتنظيم الحاضر وضمان المستقبل، وان لا ينظر الى الاحداث التأريخية التي تخص الكرد بانحياز وعين مجردة بعيدة عن ارض الواقع، واردف « نستطيع ان نقول باننا يمكن ان نغير التأريخ، الا اننا لا نستيطع ان نغير الجغرافيا وينبغي ان نراعي الجغرافيا وجيراننا.
ودعا رشيد الى العودة الى الكتب والدراسات التي كتبت بنحو محايد غير متحيز لاية جهة، والاستفادة من البحوث والتقارير التي كتبت من قبل كتاب محايدين حول نهاية حقبة الدولة العثمانية واعادة صياغة الشرق الاوسط الجديد، في العراق وتركيا وسوريا وتقسيم كردستان على تلك الدول.
واشار الى ان، اهتمام بريطانيا بدا بالمنطقة والقضية الكردية، بعد سقوط وانتهاء حكم الدولة العثمانية، اذا انه في حينها لم يكن هناك اي اعتبار او تفهم للمصالح القومية للكرد، وكان عدد من الموظفين بعضهم ضباط يديرون علاقات بريطانيا مع الكرد، وكان اغلب هؤلاء على علاقة قوية مع شخصيات عربية.
وتابع «كان هدف البريطانيين انهاء الحكم العثماني ومحاصرة الدول التي كانت الى جانبهم في القتال، واعادة صياغة خارطة المنطقة وفقا لمصالح الدول الصديقة لهم، الا ان تلك القرارات لم تكن متفق عليها بين مراكز القرار المختلفة في بريطانيا، مثل الخارجية والدفاع، ودائرة الشؤون البريطانية في الهند، وهو ما ظهر جليا في تغيير بعض القرارات مثل قرارات مؤتمر سيفر ولوزان.
وعزى رشيد عدم وجود تاثير قوي للكرد على سياسة بريطانيا والدول العضمى والحلفاء انذاك، الى عدم وجود تنظيم ووحدة للكلمة والرأي لدى الكرد، ما دفع ببريطانيا الى ان تراعي مصالح الاخرين على حساب الكرد، اضافة الى ان الكرد لم يكونوا اقوياء ومنظمين لكي يتمكنوا من فرض شروطهم ومطالبهم على الدول الكبرى.
واضاف ان توحيد المواقف بين الحكومة والاحزاب والمسؤولين من برلمان وشخصيات وبناء استراتيجيات موحدة وبالاعتماد على المصلحة العامة، والبناء على اساس السياسيات الادارية والاقتصادية المستقبلة من قبل الخبراء والمطلعين في الشأن البريطاني او اي دولة اخرى يتم التباحث معها، امر ينبغي الشروع به لتثبيت حقوق القضية الكردية.
يشار الى ان مؤتمر (السياسة البريطانية تجاه القضية الكردية) توسع خلال فترة انعقاده الاسبوع المنصرم ليشمل محاور عديدة نظرا لتحكم بريطانيا في الحياة السياسية في كردستان طيلة قرنين من الزمان.
لذا فان المحاور التي تضمنتها البحوث تلخصت في نقاط مهمة منها، «متى بدأ التغلغل البريطاني في كردستان؟، ولماذا اختارت بريطانيا كردستان ساحة لها في النصف الأول من القرن التاسع عشرن والسياسة البريطانية تجاه الإمارات الإقطاعية الكردية في القرن التاسع عشر، مسؤولية بريطانيا في انهيار نظام الإمارات في كردستان، والسياسة البريطانية تجاه الثورات والحركات الكردية خلال المدة 1880-1914، ودور بريطانيا في تأجيج الصراع الأشوري- الكردي في كردستان، وكردستان في المخططات والمعاهدات الاستعمارية (سايكس بيكو سازانوف، القاهرة، سيفر، لوزان)، وتأثير الموقع الجغرافي والنفط في السياسة البريطانية تجاه كردستان.