الاتفاق الاخير الذي تم توقيعه بين وزير الكهرباء العراقي وشركة سيمنس الالمانية لحل ازمة الكهرباء في العراق والذي تبلغ قيمته 14 مليار دولار يمثل خارطة طريق لتطوير قطاع الكهرباء سيمكن العراقيين في نهاية المطاف من التغلب على هذه الازمة الحادة التي تركت اثارها الواسعة على الاقتصاد والخدمات في هذا البلد ولأول مرة يخطو العراق مثل هذه الخطوة مع شركات عالمية لها باع طويل في مجال التكنولوجيا ولها تجارب سابقة في تنفيذ مشاريع كبرى في دول عربية واجنبية والاهم من ذلك ان هذا الاتفاق وقع برعاية رئيس الوزراء عادل عبد المهدي والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل وبالتأكيد ان هذه الرعاية وهذا الحضور امام وسائل الاعلام يحمل دلالات عميقة تشير الى نهج جديد في التعامل مع الازمات الحادة التي يعاني منها العراق على الصعد الاقتصادية والمالية.
فبعد تجارب لأكثر من 15 عاما فشل العراقيون في التأسيس لأية مشاريع كبرى يمكن لها ان تحل حزمة من المشكلات في مجال الخدمات وتسبب الفساد الكبير في عقد صفقات مع وسطاء وشركات ثانوية محلية وعربية واجنبية في تبديد مليارات الدولارات وكان ملف الكهرباء احد اكثر الملفات التي نالها الفساد وفشلت الحكومات المتعاقبة في ايجاد الحلول الناجعة لتأمين هذه الخدمة الحيوية في حياة العراقيين ويحسب للسيد عبد المهدي بانه خطى مثل هذه الخطوة الكبيرة من دون ان يكون هناك تطبيل او تسويق اعلامي يستهدف من ورائها دعاية انتخابية او خدمة سياسية او حزبية مثلما فعل الكثير من المسؤولين السابقين الذين وصل صدى وعودهم بحل هذه الازمة الى اقصى بقعة فيما ماتزال اوراق العقود والصفقات في ادراج مكاتبهم واستمروا في رحلة الخداع لسنوات طويلة وما ان غادروا مناصبهم حتى ظهرت حكايات الفساد والكذب والتزوير.
واذا ما سارت الامور على ما يرام وبشفافية عالية في الاتفاق الذي وقعه وزير الكهرباء العراقي مع رئيس الشركة الالمانية فإننا يمكن ان نطمئن بان السيد عادل عبد المهدي ووزرائه قد سلكوا طريق السلامة واختصروا حلقات ضائعة وابعدوا انفسهم عن موضع الشبهات وقطعوا الطريق على العشرات من المرتزقين الذين اعتاشوا لسنوات طويلة على اموال الشعب العراقي ومارسوا السرقة والاحتيال في الحصول على منافع مادية كبيرة من دون ان يقدموا اي مشروع يستحق الذكر وبالتأكيد فان الملايين من الشعب العراقي ينتظرون اتفاقات مماثلة في مجالات الصحة والخدمات الاخرى تزيل السمعة السيئة للاتفاقات والعقود السابقة مع الشركات الوهمية ومع السماسرة والوسطاء الذين تشارك معهم للأسف مسؤولون في الدولة ثبت تورطهم بجرائم فساد تطاردهم قرارات القضاء وقد لحق بهم عار الخيانة والفساد .
د. علي شمخي