قصائد من خليج بِنين

ترجمة نجيب مبارك

يحلُّ موسم الجفاف
دومينيك أغيسي (بنين)
يحلُّ موسمُ الجفاف
يظهرُ شبحُ شمسٍ ناتئة
بقضبانٍ من زجاج
تتسرّبُ من خلالها
ظلالُ شفَقٍ صغيرة ومتقطّعة
بينما صرخةُ العصفور
ترمي حجراً
من المُحيط الطباشير
والموجُ يسحب شائعةً
من لُغاتِ فضاءاتٍ أخرى
سيحلُّ موسمُ الغياب
المحاصَر من زوبعةِ الفانوس
بينما الكلماتُ تنزاح
وهي تُرى بالكاد
مثل شَظايا النّار واللّيل
على طول سرابِ الشواطئ
ووجوهٌ مألوفة
تبزغ بقوّةٍ مع الزّبد
ثمّ تنهارُ مع الأمواج
تاركةً ابتسامةً عائمة
ينضجُ الفراغُ خارج الموسم
وكلُّ سؤالٍ يرجعُ
إلى منبَعهِ
إلى ظلُماتٍ خافتة
بعد رحيل شخصٍ عزيز
يحلّقُ طائرُ الشاطئ
بعيداً في أثَر البرق.


أمٌّ وطفل لاجئان
تشينوا أتشيبي (نيجيريا)
ما من صورةٍ للعذراء مع الطّفل
قد تعادل صورةَ حنُوِّ أمٍّ على ابنها،
ذاك الّذي عليها أن تنساه قريباً.
كان الهواء مُثقلاً برائحة
إسهالِ أطفالٍ لم يغتسلوا
بضلوعٍ متلاشيةٍ ومؤخّراتٍ هزيلة
وهم يجرّون الخطى
بسببِ الأمعاءِ الفارغة والمُنتفخة.
توقَّفَت بعضُ الأمّهات منذ وقتٍ طويل
عن توفيرِ الرّعاية لهم،
لكن ليست من بينهنّ تلك الّتي يلوحُ
شبحُ ابتسامةٍ على شفتيها
وشبحُ كبرياءِ الأمِّ في عينيها
وهي تمشطُ ما تبقّى من خصلاتِ
شَعرها الّذي بلونِ الصَّدأ
ثمَّ – بينما تلوح في عينها أغنيةٌ –
تشقُّ خطَّ مَفرقِها باهتمام…
في حياةٍ أخرى، كانت هذه الحركة
ستبدو تافهةً وبلا عواقب
قبل الفطور والمدرسة،
لكنّها في هذه اللّحظة
كانت تُسقي زهوراً
على قبرٍ صغير.


سيّد المدينة
أميلا هيلا- لاوبي (توغو)

ها أنا أخيراً صرتُ أسَداً بالغاً مُلبِداً ومُنتفِشاً
«سوندجاتا» قّومَت عَصا «هارون» اعوجاجَه
وليَّ عهدٍ من سلالةِ الأبطالِ الصّامدين
لهذا صارت كلُّ فتيات المدينة رهنَ إشارتي
العذارى والنّاضجاتُ هنّ أسِرَّتي المُفضّلة
لكن أنا بطلُ الموسم، المختارُ، معتدلُ القدِّ
عضوي مُنتصبٌ بفخرٍ كأنّني فَحلُ القطيع
وكلامي فاتكٌ وسُمٌّ من سمومِ القاتلِ المحترف
فتعالَينَ يا فتيات السّاحلِ اللّطيفات يا نعاجَ المراعي
تعالينَ لكي تصيرَ مُسامراتِنا بلا نهاية.


الأنهار تتحدّث
راكيل إيلوند (غينيا الإستوائية)
أن يغطّي القصبُ جسدي
وقدميَّ، ووجهي
أن لا يراقبني أحدٌ عندما
أُصغي بصمتٍ إلى مياهِ الأنهار
الّتي تتحدّث معي.
صوتُ الحصى
وهو يكشطُ الماء
ما هو إلّا قُبلات المساء واللّيل،
ما هو إلّا قُبلات الفجر.
ذات يومٍ قال لي شخصٌ
إنّ الأنهار لا تتكلّم أبداً
إنّها تتبع مسارها ببساطةٍ
وتختفي من دُون كلام.
كم كنت حزينةً ذلك اليوم
حين سمعتُ هذا الكلام،
ركضتُ في اتّجاه النّهر
ليشرح لي لماذا
أسمعُ صوته بوضوحٍ
بينما الآخرون لا يسمعُونه
على الإطلاق.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة