إذا كانت مقدمات الامور تشير الى طبيعة النتائج ، فان ما جرى من تجاذبات حتى الان في عملية تشكيل الحكومة يجعلنا ندرك أية حكومة ستكون. كما أن الولادة المتعسرة غالبا من تنتج جنينا مشوّها ، مشلولا كما هي الكثير من وزاراتنا السابقة . توقعنا أن نرى شيئا مختلفا ، لكن ما نراه لا يوحي بان شيئا سيختلف ، اللهم الا إذا كان نحو الاسوأ .
قالوا إن التغيير مرهون بعدم التجديد للمالكي بولاية ثالثة ، فتنحى وتم تكليف غيره. العبادي دعاهم الى تقديم وزرائهم بمواصفات وشروط تتطابق مع دعواتهم للتغيير . طالبوا بتغير الوجوه لكنهم قدموا أغلبها من القديمة . نادوا باعتمادات الكفاءة ، وقدموا الاكثر ولاءً ولو كان مشبوهاً ،
قالوا انهم سيتعاونون في تشكيل الوزارة لانجاز حقوق المواطنين ، لكن كلا منهم قدم سقف مطاليب لا يمكن تطبيقها . تحدثوا عن الالتزام بالدستور فجاءت بعض مطاليبهم متعارضة معه .
أساس العرقلة هو ان الكتلتين السنية والكردية تتصرفان بعقلية المنتصر الذي يرى انه يستطيع فرض الشروط. الراعي الاميركي يرسل في كل يوم رسالة تدفع هؤلاء الى رفع سقف المطالب أو الاصرار عليها , اللافت أن هذا الراعي الذي كتب الدستور في ظلّه يدعو الى منح حلفائه مطاليب تخالف الدستور . لم لا وهو الذي دعم عملية الاطاحة بنتائج الانتخابات ، وكذلك الدستور ، عندما دعم عملية التكليف بعيدا عن نتائج الانتخابات .
وإذا كان هناك من منتصر (أو منتصران) فان الطرف الثالث لابد وان يكون الخاسر . وفي الحروب يلملم الخاسر قطعاته ويعيد بناء قواته . لكن التحالف الوطني بدأ يأكل نفسه ، وبعض أجزائه يتصرف كطابور خامس يعمل لصالح الاخر وليس جماعته .
الواضح من الان ان الحكومة القادمة لن تختلف عن سابقاتها في جوانب عدة في مقدمتها إرتباط كل وزير بمرجعيته السياسية وليس الحكومية . وفي كون كل وزارة عبارة عن كانتون لكتلة أو حزب ، تنفذ أوامرها وتحقق مصالحها .
قد تتشكل الحكومة بعد مخاض ، لكنها – وبما رأينا حتى الان- لن تنتج الى وليدا كسيحاً ، لتنبدأ الازمة من جديد ..كان الله في عون الدكتور العبادي.
سالم مشكور