تركيا وإيران يلعبان بورقة المياه كأداة للسياسة الخفية
خدر خلات ـ دهوك:
في الجزء الثاني والأخير، من حوارنا مع الخبير العراقي في الاستراتيجيات والسياسات المائية، الأستاذ رمضان حمزة، عدّ ان السدود المائية التي تعتزم حكومة إقليم كردستان إنشاؤها ستنعكس إيجابا على العراق، مشيرا الى ان تركيا وايران تلعبان بورقة المياه كأداة للسياسة الخفية ولا يريدان ان يكون العراق مكتفي الحاجة من الموارد المائية.
وقال الاستاذ في جامعة دهوك، رمضان حمزة في حديث الى “الصباح الجديد” في قراءته لخبر اعتزام حكومة اقليم كردستان انشاء 240 سدا بضمنها 18 سدا كبيرا، “: لا أتوقع بان حكومة إقليم كردستان تستطيع انجاز مثل هذا العدد من السدود في ظرف خمس سنوات”.
واضاف “إذا قارنا هذه الخطة مع خطة مشروع جنوب شرق الأناضول والمعروف بمشروع “الكاب” نرى بان هذا المشروع خطط له العام 1936 ويتكون من 21 سداً و 19 محطة توليد للطاقة الكهرومائية، ومايزال لم يكمل لحد الان برغم مضي اكثر من ثمانين سنة على تخطيط المشروع والمباشرة الفعلية به في خمسينيات القرن الماضي”.
واشار حمزة الى انه “من جانب آخر فان الاقليم يحتاج الى أنشاء 5 -7 سدود كبيرة على روافد نهر دجلة (الخابور، الزاب الأعلى، الخازر، الزاب الصغير، ونهر سيروان) لان المياه التي تدخل حدود العراق من جهة الاقليم بات مسيطر عليها من قبل تركيا وايران لأنهم أكملوا معظم السدود المخطط لها ولإن اختيار مواقع كهذه وإجراء الدراسات الجيولوجية والهيدرولوجية تأخذ مدة لا تقل عن سنتين وخاصة معظم مواقع السدود دائما تكون في مناطق ذات تضاريس معقدة وتحتاج الى فتح طرق للمواصلات الى تلكم المواقع وبرامج لإعادة توطين القرى والمجمعات التي سوف تنغمر بمياه خزانات هذه السدود وهذا يحتاج الى تخصيصات مالية كبيرة وفترات زمنية”.
ويرى انه “إذا ما تم تنفيذ هذه السدود فإنها ستغطي حاجة الاقليم والعراق من الخزين الاستراتيجي للمياه وبها يضمن الامن المائي والغذائي لعموم العراق ومواجهة سنوات الجفاف في المستقبل ويساعد في تنشيط حركة السياحة وتغذية مكامن المياه الجوفية وتنمية الثروة السمكية وتقليل اضرار تغيرات المناخ وتحسين البيئة وغيرها من الفوائد المنظورة وغير المنظورة”.
وحول امكانية وجود تأثيرات لتركيا و ايران في انجاز هذه السدود، وهل من تأثير ما على مخططاتهم بمجال المياه، افاد حمزة بالقول “نعم هنالك تأثيرات، لأن تركيا وايران يلعبان بورقة المياه كأداة للسياسة الخفية، ولايريدان ان يكون العراق مكتفي الحاجة من الموارد المائية لأنه والحالة هذه سيكون العراق بلدا مستقرا سياسياً واقتصاديا واجتماعيا، مما يقلل الحاجة الى الاستيراد والاعتماد عليهم في تأمين متطلبات المعيشة وسيفشل خططهم في إخضاع العراق لسياساتهم وابتزازه اقتصاديا وسياسياً في أن يكون الماء بدل النفط كما قالها الرئيس التركي الاسبق سليمان ديميرل”.
وبخصوص التأثيرات المتوقعة على باقي اجزاء العراق الاتحادي من جراء هذه السدود في ظل نقص كبير بالمياه في العقدين الماضيين، نوه حمزة الى ان “التأثيرات ستكون إيجابية جدا وسينعكس ذلك على تميتن العلاقة والتعاون المتبادل بين حكومة الاقليم والحكومة المركزية بدلا من ان تكون العلاقة بين العراق وتركيا وايران مثلاً وسيكون الاقتصاد العراقي متنوعاً وليس معتمداً على النفط فقط كاقتصاد ريعي، وبهذا ستزداد فرص العمل ويحلُ السلام بدل الارهاب لان سيقل او ينعدم تأثير دول الجوار على القرار السياسي للبلد”.
وحول كيف يمكن ان يتم استثمار المياه المخزنة بالشكل الامثل؟ عدّ حمزة انه “يجب ان يرافق انشاء هذه السدود خطط متكاملة للإرواء بالطرق الحديثة مع توليد الطاقة المتجددة من الكهرباء كناتج ثانوي من هذه السدود وانشاء مصانع للالبان والتعليب ولجميع المنتوجات الزراعية والحيوانية”.
وتتحدث الكثير من المصادر المختصة في ملف المياه ان تندلع عدة حروب بين الكثير من الدول التي تتشاطئ بأنهر المياه العذبة، وبضمنها منطقة الشرق الاوسط، ويسمى الخبراء ذلك بانه قد يكون حروب المياه.
وفاقمت ظاهرة الجفاف التي تعصف بدول الشرق الاوسط منذ عقدين من شحة المياه، وعزز ذلك قيام دول المنابع الى بناء السدود العملاقة وايضا السدود الصغيرة لحجز مياه السيول والفيضانات الموسمية، وبالتالي قلل ذلك من الموارد التي تقع جنوب دول المنبع.
ومما ضاعف المخاوف في العراق وسوريا على وجه خاص، قيام تركيا بالمباشرة بمشروع (كاب) الذي يشمل 21 سدا كبيرا، والذي سيقلل من حجم واردات البلدين الى مديات يصفها مراقبون مختصون بالخطيرة.
فيما ينتقد خبراء محليون في العراق وسوريا الاهمال الحكومي والاجراءات البطيئة في معالجة هذا الملف المهم، والبدء بعمليات “حصاد الامطار” وتخزينها وعدم السماح بضياعها في المياه المالحة، لكن اي بوادر في هذا الشأن ما زالت غائبة وليس هنالك عمل جدي ومشاريع استراتيجية قد تقلل من هذه المخاطر المستقبلية.
ويرى اخرون ان الاوضاع السياسية في العراق وسوريا، اجبرتهما على تأجيل الاهتمام بهذا الملف الذي يعد ثانويا قياسا بحجم التحديات الارهابية التي ارهقت البلدين وعمقت من المشكلات على شتى الاصعدة.