مهرجان الكميت السادس «ميسان والكلمة أفقُ ثقافةٍ وراهنُ إبداع»

مشاركة أكثر من ثمانين شاعرة وشاعرة
محور القصة القصيرة العراقية الان

العمارة ـ حذام يوسف الطاهر:

مع تباشير الشتاء، استقبلتنا ميسان بأمطار خيرها، فسقت الشوارع، مثلما سقت قلوبنا بمحبة وكرم مميز، فكانت ميسان عروسا وهي تسمع زغاريد الشعراء على منصة مهرجان الكميت الثقافي بدورته السادسة، من قلب ميسان التي استقبلتنا بكرم اهلها ونبل أدباءها وخير مطرها، تسطرت حكاية من ألف كلمة وكلمة، وكانت الجلسات الشعرية والنقدية، وثيقة تؤكد ان العراق باق وميسان ابنته التي لا تنام الا على أنغام الشعر والمحبة، وحكايته التي لا تنتهي.

انطلاق مهرجان الكميت بنسخته السادسة
انطلقت فعاليات مهرجان الكميت بنسخته السادسة، والذي يقيمه أتحاد أدباء وكتاب ميسان، تحت شعار(ميسان والكلمة افقُ ثقافةٍ وراهنُ إبداع)، بمشاركة ثمانين أديبا من مختلف مدن العراق، وعلى مدى يومي الخامس عشر والسادس عشر من تشرين الثاني لعام 2018، اذ اجتمع الجميع تحت عنوان (المحور النقدي القصة القصيرة الآن)، برعاية وزارة الثقافة والسياحة والآثار، وبدعم من محافظ ميسان الأستاذ علي دواي لازم، وبالتعاون مع الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق المقر العام.
أستهل المهرجان الذي أقيمت فعالياته، في فندق (كورمك) ليومي 15-16 \ 11\ 2018، بقراءة آي من القرآن الكريم تلاها القارئ مصطفى الحجاج، ليعلن عريف الحفل لليوم الأول الشاعر معن غالب شباح، بدأ الفعاليات بعزف السلام الجمهوري، وبعد ذلك قراءة سورة الفاتحة على أرواح شهداء العراق، فتعتلي بعد ذلك المنصة طالبات قسم التربية الفنية – كلية التربية الأساسية -جامعة ميسان لأداء نشيد مهرجان الكميت، وهو من كلمات الشاعر رعد زامل والحان الفنان كاظم فندي.
بعدها كانت الكلمة لمحافظ ميسان الأستاذ علي دواي لازم، الذي رحب بالوفود المشاركة بالمهرجان قائلا ” إن العمق الحضاري لميسان أوجد رصيدا ثقافيا لكل جغرافية العراق وعيا، ولذا وجب على جميع المثقفين أستثمار هذا الأرث الثقافي لكل العاملين في المشهد الثقافي”، وأضاف ” نحن ماضون لبناء أكثر من فضاء معماري خاص بالفنون والثقافة والمعرفة”، مؤكدا على مضي محافظة ميسان بكل أبنائها ، لانجاز مشاريع ثقافية تصب في صالح المهرجانات والفعاليات القادمة.
والقى الأستاذ طاهر الحمود وكيل وزارة الثقافة والسياحة والأثار كلمة تحدث فيها عن المثقف العضوي وأشكالية المثقف والسلطة، وتسخير المثقف كل أمكانياته لخدمة الحركة الثقافية بالعراق، بوصفها التزام وموقف يخدم ثقافة التنمية، وتكون مهمته الكبيرة الأصلاح والتغيير، وتحدث عن الوزير القادم للثقافة ” نريد رجلا يشخص أولويات وتوجيه موارد الوزارة، وليس شرطا، أن يكون شاعرا أو فنان، والمهم أن يحسن أدارة الثقافة ومؤسساتها”.
كلمة الخياط
وفي كلمته شخص الأمين العام لأتحاد أدباء العراق الشاعر ابراهيم الخياط امرا في غاية الدقة بالنسبة للمثقفين والكتاب، فبعد ان ثمن جهد القائمين على مهرجان الكميت تمنى ان ” يكون هذا المهرجان والمهرجانات الكبرى الأخرى تحت رحمة وزارة لا تفرّق بين المتنبي وفاتك.
فنحن بقدر ما نصرّ على مطلبنا في أن يكون وزير الثقافة الجديد من الوسط الثقافي الفعّال، كذلك نصرّ على أن نرى وزارة للثقافة غيرهذه التي منذ سنوات طوال وهي تنتقل من وزير سيء الى وزير أسوأ.
يا دولة رئيس الوزراء، لا نريد وزيراً يترك المشهد الثقافي وينصرف الى الأيفادات والمقاولات وإجازات الأمومة وغيرها، لا نريد وزيراً لموظفي وزارة الثقافة بل نريده وزيرا لسبعة آلاف سنة من الحضارة والثقافة والتكميم والحريّة والملاحم والشعر والقيثارات والرسوم والنقوش والمواويل والرقص والتمثيل والدرس والفكر والترجمة، نريد وزيرا للثقافة يعرفنا ونعرفه، يفهمنا ونفهمه، نُغضبه ويرضى علينا. باختصار يا دولة رئيس الوزراء، إنّها وزارتنا ولا نفرّط بها وهذا هو العراق وهذه هي ثقافة العراق، خذوا المناصب والمكاسب خذوا الكراسي واتركوا لنا الثقافة “.

كلمة ترحيبية من الشاعر رعد زامل رئيس اتحاد ادباء ميسان
ثم ألقى الشاعر رعد زامل رئيس أتحاد أدباء وكتاب ميسان كلمته قائلا ” أصحاب السيادة والسعادة كل في مقامه ومنصبه الكريم، أدباء العراق ، ضيوفنا الكرام، جمهورنا العزيز، السلام عليكم ” أنثر رذاذ المحبة على وجوهكم وأنتم تحثون الخطى صوب مدينة الشعر ، فطوبى للكميت في هاشمياته، وطوبى له وهو يجمعنا تحت خيمة الجواهري الكبير، وها أنتم يا أبناء الجواهري والسياب وحسب الشيخ جعفر ، من كل صوب تأتون على أجنحة الغيوم ، الى مدينة عيسى حسن الياسري وجمعة اللامي وعبد الرزاق المطلبي ولميعة عباس عمارة ، ايها الأحبة ” ان الارث الثقافي العريق لميسان يؤهلنا الى المطالبة بأن يكون مهرجان الكميت مهرجانا عربيا كبيرا ، كذلك نطالب بأعمار قبر الكميت وجعله مركزا ثقافيا يستقطب الطاقات الشبابية ويتبنى رعايتها .

بدء الفعاليات والجلسات الثقافية
بعدها أعلن عريف الحفل الشاعر معن غالب شباح، الذهاب الى منصة الشعر، ليتناغم صوت المطر مع صوت القصيدة، فيقرأ الشعراء ( حطاب ادهيم الفيصلي، أجود مجبل، قاسم والي، ثامر سعيد آل غريب، نجاة عبد الله، جبار الكواز منذر عبد الحر، حامد البياتي، علي فرحان).
بدأت الجلسة الثانية بإدارة الشاعرة د. راوية الشاعر وقدمت فيها قراءات لعدد من الشعراء المشاركين في المهرجان ( سعد ياسين يوسف، حذام يوسف طاهر، عباس باني المالكي، أبتهال بليبل، كاظم محمود السامرائي، على الحسون، كفاح وتوت ).
أعقبتها مباشرة الجلسة النقدية في محور مفتوح للقصة القصيرة العراقية الآن، بإدارة الناقد د. علي حداد، متحدثا عما قدمه المثقف العراقي وما أنجزه في السرد العربي، وتداعياته على القصة القصيرة.
وقرأ الناقد د. علي متعب ورقته النقدية الموسومة ” المخيلة السردية نحو قراءة اجناسية في القصة القصيرة جدا ” متحدثا عن الخصائص النوعية التي تتميز بها القصة القصيرة، ودينامية ايقاعها وهي نتاج تحولات ما بعد الحداثة.
وتحـدث الناقـد حسـن السلمـان عـن سرديات الحيـاة الحيـة في تجربـة الروائـي لـؤي حمـزة عبـاس، متنـاولا النقـاط، ماهيـة القصـة القصـيرة، مـع رؤيـة شاملـة لقصـص لـؤي وإشكاليـاتهـا.
وقرأ الناقد علـي سعدون بحثه النقدي الموسوم ( الشخصيات وانماطها في القصة العراقية):”القصة القصيرة هي لحظة فهم عميق للحياة، هي صورة بالغة الدقة لحياة صغيرة من حيوات متعددة تستمد وجودها من تلك اللحظة الهائلة، هذا يعني انها لحظة اقتران الادب بالحياة، الادب بما يمكن أن يجعل من الوجود حيّاً ومتحركاً. ربما لأنها عملية خلق لنص سردي يمثل مشهداً من مشاهد الحياة سواء اكان ذلك داخليا (تداعيات النفس واضطرابات الشعور والعاطفة) ام كان خارجيا كـ(التوصيف) الذي تعتمده معظم الاعمال القصصية لمشهدياتٍ تحيط بنا ونتعامل معها وفق التوتر الذي يجعل المرء غير ذي انتباه أو تركيز في حفظ ذلك التصور الذي يغني تلك اللحظة. القاص هو من سيقوم بهذه المهمة، مهمة حفظ ذلك التصور واغناء اللحظة وجعلها في صدارة اهتمامنا كقراء او متلقين للنص.. نعم القصة القصيرة لحظة فهم عميق للحياة… لكن وفق اي تصور يمكننا من خلاله استيعاب هذا النمط التسجيلي لمثل هذه اللحظة؟ .. الجواب القاطع سيكون بمثابة القبض على جمرة اللعبة القصصية وعلاقتها بالفن اولا ومن ثم بالحياة بوصفها المسافة الشاسعة لحراك الثقافة وابداعها وفنونها. هذه العلاقة هي التي ستحدد فيما بعد اهمية انماط بناء الشخصيات وحركتها الفاعلة في النص وانساقه المحيطة على مستوى التاريخ / والحاضر وبالتالي، سنكون امام تكوينات محددة للشخصيات العادية والمركبة في القصة القصيرة، لنوعية البطل أو الشخصية القصصية : نمط البطل الايديولوجي أو العقائدي الذي لا يخطئ وهو المثالي او الثوري/ ونمط الشخصية الرومانسية التي تسهب في العاطفة الى اقصى مدياتها وهي شخصية قلما تطبع اثرَها في الموقف من الحياة – الثقافة موقف من الحياة – في التعبير الشائع/ والنمط الثالث الشخصية الفنتازية التي غالبا ما تجيء بوصفها عدمية، او البطل العدمي السلبي الذي يصل ذروتَه في التحول المسخي في معظم الاحيان..
فيما تناول النقد زهير الجبوري في بحثه الموسوم ” السرديات الفوقية للمحنة في القصة القصيرة (زيد النار) انموذجا ” أهم ما قامت به القصة العراقية أنها تعاملت مع المحنة اجناسيا، وثيمة المحنة بوصفها الاداة الفوقية المهيمنة والمعبرة عن حياة كاملة الابعاد.
وايضا قدم الناقد عباس خلف بحثه الموسوم ” القصة القصيرة، اشكالية الحضور واسئلة التلقي “.
فيما قدم الناقد عبد الغفار عطوي بحثه الموسوم ” القصة العراقية النسوية العراقية.
وشارك في المداخلات كل من ” د. ثائر العذاري، علي الفواز، د. سمير خليل، بشير حاجم، علي العبودي، حسن البحار، عالية طالب، جبار الجويبراوي، علي العبودي، جاسم الخالدي.

فعاليات اليوم الثاني للمهرجان
أدار الجلسة الاولى د. لطفي جميل متحدثا عن السرد بمجموعه كهم انساني، مبينا ان النقد هو المرأة التي يرى فيها كل عمل ابداعي، ومشيرا الى مقولة ” سارتر ” ان الناقد هو ذلك القارئ الشيطان.
وقدمت فيها بحوث لكل من ” د. جاسم الخالدي، صادق ناصر الصكر، بشير حاجم، محمد قاسم الياسري، حسن الكعبي ” وشارك في المداخلات ” حسن البحار، عبد الامير المجر.

الجلسة الشعرية والنقدية الثانية
أدارها الشاعر حسين الحرير، بمشاركة الشعراء ” حميد المختار، خضر خميس، على مجبل المليفي، وليد حسين، معن غالب شباح، راوية الشاعر، وحيدة حسين، نسيم عبد الواحد، نادية الكاتب، شاكر داخل ولي، عبد المنعم، غسان حسن محمد “، تغنوا بها بحب العراق، وامنيات مازالت عالقة على رصيف الوطن، والتي تداخلت مع قصائد الغزل.
لتبدأ بعد ذلك الجلسة النقدية الاخيرة، والتي ادارها الناقد د. سمير خليل، وشارك فيها النقاد ” علي الفواز، د. جاسم محمد جسام، وجدان عبد العزيز، جميل الشبيبي ” وشارك في المداخلات ” اسعد اللامي، صباح السيلاوي، سعدون البيضاني، د. علي حداد ” حول القصة القصيرة العراقية الان، والاجيال الأدبية التي تقاطع معها عدد من النقاد رافضية مبدأ التجييل، ومن وجهة نظرهم ان تجييل الادب غير دقيق، فكل الأجيال تتداخل مع بعضها ولا يمكن ان ينقطع جيل ليبدا مباشرة جيل اخر، كما تحدث عدد من النقاد حول مجاميع قصصية عديدة، وتحدث الناقد علوان السلمان :” العملية الابداعية باختلاف اشكالها وتباين مضامينها هي عملية فنية تسجل انسانية المنتج(المبدع) المنبثقة من خياله ورؤاه الفكرية التي تكشف عما يمتلكه من خزين معرفي يوظفه من اجل اداء رسالته الانسانية..لذا قيل(ان تكتب تعبيرا عن نفسك بصدق فهذا شيء عظيم..اما ان تكتب عن الناس بصدق فهذه هي العظمة بعينها..)..لانه يكشف عن ادق الدلالات النفسية والعلاقات الاجتماعية ويمنحها لمستهلكها بنسيج فني مستلهما للوقائع والاحداث التي يقتنصها فيستنطقها ويخرجها من دائرة الحدث الطبيعية الى عوالم شمولية انسانية باعتماد التكنيك الفني المحرك للذاكرة ما بين(الزمان والمكان بكل اشكاله (المغلق/المفتوح/العتبة…) وحركة الشخوص والحوار بشقيه الذاتي(الداخلي)والموضوعي (الخارجي).. للكشف عما يدور بدواخلها لتحقيق وظيفة جمالية بتحريك الواقع وتفجيره “.

جلسة الختام وتوزيع
الشهادات التقديرية
في الجلسة الختامية شكر الدكتور سمير الخليل اتحاد أدباء ميسان واللجنة التحضيرية لمهرجان الكميت السادس، مقدما باقات محبة لكل من حضر وشارك، مؤكدا على سعادته بميسان وهي تفرش الأرض دفء ً ومحبة لضيوفها من المحافظات، متمنيا لهم كل التوفيق، بعدها قرأ الشاعر فراس طه الصكر البيان الختامي لمهرجان الكميت السادس، متضمنا عدد من التوصيات الخاصة بوزارة الثقافة، والرئاسات الثلاث منها، ان يكون وزير الثقافة مؤهلا لوزارته ومن الوسط الادبي، ليكون اقرب الى مشاكل الادباء ومعاناتهم ، ولتكون الوزارة داعمة وحاضنة لكل النشاطات الثقافية سواء في ميسان او أي محافظة أخرى،.
ومسك الختام توزيع الواح الابداع وشهادات التقدير للمشاركين في المهرجان، من شعراء ونقاد وضيوف، ودروع الابداع لاتحادات الادباء في المحافظات.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة