حذام يوسف
يتطلع المثقف العراقي مثله مثل أي مواطن اعتيادي، الى حياة كريمة آمنة بعيدة عن المنغصات الاقتصادية والسياسية المحيطة بهم، كمجتمع وكأفراد، ومع تسابق الاحداث على المستوى المحلي والإقليمي، تتسابق الأفكار التي يطرحها المثقفون حول قضايا الوطن، اليوم المثقف العراقي يحاول أن يكون مع الحدث، مؤثرا ومتأثرا، وهو بذلك يؤكد ايمانه وقدرته على الخروج من الدائرة الضيقة التي حبس نفسه بها لعقود، لأسباب كثيرة ومختلفة، وظروف عامة تشكل له ازمة خاصة، اليوم نجد المثقف العراقي، مشاركا وحاضرا في ساحات التظاهر ومؤمنا بان التغيير او الإصلاح لا يمكن ان يتحقق الا بمشاركة الجميع سيما وهو الجزء المهم من الكل.
قبل أيام كنت برفقة عدد من الأصدقاء الادباء في ساحة التحرير، نهتف للوطن والناس، وللحرية وللعيش الكريم، وفي أثناء التظاهر وبعده كنا في حوارات مزدحمة حول قدرة المثقف العراقي على المواصلة والتأثير والتغيير، وهل سيستمر في دعمه للمواطن الأعزل الا من احساسه بإنسانيته وصون كرامته؟ وهل سيكون معه على الجبهة المدنية للصراع؟ أم سيكتفي بكلمات وقصائد ودعوات، ويترك الساحة مثل كل مرة ليحتلها ممثل السلطة ويعيد المسرحية نفسها !؟، الجواب كان حازما وقويا من الجميع، ان الوضع لابد ان يتغير وبطريقة سلمية بعيدة عن العنف والتخريب، والمثقف سيكون في مقدمة من يطالب بتعديل الدستور، وتفعيل جميع القوانين المعلقة من عقود.
ومع ان المشهد يبدو ضبابيا جدا، ولا يمكن لأكبر محلل سياسي أن يفتي بما سيحصل على مدار الأسابيع المقبلة، الا ان بعض المثقفين والادباء، يأملون ان تغير الحكومة من مسارها مع المتظاهرين لا ضدهم، خاصة وان عددا من القيادات اعترفت مؤخرا بقصورها في اداء مهامها تجاه العراقيين، ومنهم من قدم اعتذارا لتهدئة الموقف، ولكن هل يكفي تقديم الاعتذار والاعتراف بالتقصير لتعديل المسار؟
في ظل أوضاع مرتبكة تبقى الثقافة العراقية بوصلة العراقي للوصول الى بر الأمان، ففي كل زاوية من بغداد وحتى المحافظات التي تمر اليوم بوضع حرج واحداث الشارع البصري شاهد على جمرة التظاهرات الان، الا ان المشهد الثقافي لم يتوقف ، ومازالت الفعاليات الثقافية والأدبية والفنية متواصلة في جميع المنتديات الثقافية، لتؤكد مرة أخرى ان الانسان العراقي محب للحياة والامل والعمل برغم كل المعوقات.