قصائد مربدية

عراقيون
حمدة خميس / الإمارات
عراقيون
يسرون في الليل البهيم
وفي دمي!
* * *
عراقيون
من أزلٍ تساموا للذرى
نقشوا على حجر الخلود
مآثرهم
وأبدعوا أرقى الشرائع
واحتكموا
وزاوجوا بين الثريا والثرى
* * *
عراقيون
إن أعتم الدهرُ
كانت قناديلاً أكفهم
أو عاض نهرٌ
كانت رياحيناً موائدهم
توغلوا حتى السماك
وشرعوا للتائهين منازلهم

***

عبد الله الفليكاوي/ الكويت
أفيقا فهذا الهم لا شك غالبي
وما السُكر منه إنما برغائبي
وللدهر إثمانٌ يُحمِّلها الفتى
تكون رزاياه كدفع الضرائب
أؤمله لما أؤملُ أن أرى
حقيقة صدق من أمان كواذب
وصدرٌ لو ان الأرض قاست همومه
تزلزل من أطرافها كل جانب
وربتَّ ثكلى أبصرت ما يحُزّني
فألفتني الأولى بدمع النوائب
على أن لي حزنا يفوق أنينه
بكاء كمانٍ وسَّدت للترائب
ولكن أخو البلوى يعز بأن يُرى
كسيراً إذا ما كان ضهراً لصاحب

***

عارف الساعدي
شقياً خرجتُ من الأرض
أكسر ما كان يصنعه والدي
وألوذ بأطراف أمي كثيراً
عباءتها حرس من يديه
وشفاعتها رسل طيبون إليه
. . .
أنا حائر
كان يكفي بأن توقظ النهر ليلاً
وتسحبني نحوه بخطى باردة
كان يكفي بأن تأمر النهر
يشربني دفعة واحدة

***

( رسائلُ الخزّاف )
أجود مجبل
يوماً سيولدُ أطفالٌ على النهرِ
مُخَضَّبينَ بلَونِ الغِريَنِ السرّي
سيكبَرونَ
وتنحازُ الدروبُ لهم
فيُقنِعونَ نخيلاً ماتَ بالتمرِ
وسوف يَبنونَ من ألعابِهم مُدُناً
ويَدخُلونَ إليها أوّلَ الفجرِ
لم تتركِ الحربُ مِن آبائهم أحداً
ليسألوهُ بِيومٍ
: ما الذي يجري ؟
همُ الغزيرونَ ، سُكّانُ الأسى
دَمُهم يسافرُ الآنَ في الآفاقِ كالطيرِ
مُواسياً نخلةً تبكي فسائلَها
وسائلاً فَرَساً ثكلى عنِ المُهرِ
وُلْدُ ( المِگاريدِ )
حُرّاسُ الهزائمِ هم
وحاملو حطبِ الثوراتِ في صبرِ
جاعُوا بها فاكتفَوا بالريحِ مائدةً
ثُمَّ استعانوا على الظلماءِ بالخمرِ
يُوضِّحونَ بلاداً لا تُوَثِّقُهم
مِن أوّلِ النزفِ حتى مطلعِ الحِبرِ
أوراقُهم
آمِناً يلهو بها شجرٌ
ولا يخافُ خريفاً آخِرَ السطرِ
لهُم قصائدُ دارت حولَها قِصَصٌ
جميعُ أبطالِها ماتوا مِن الشِّعرِ
آباؤهم حاملو أختامِ آلهةٍ
وشارحو ما يقولُ الجمرُ للجمرِ
هم عابرون على جِسرِ الحروفِ
مضَوا
وما تزالُ أغانيهم على الجِسرِ
يُصغي إليها السُّهاديّونَ في شَغَفٍ
ليدخُلوا بعدَها إيماضَةَ السكرِ

***

حسن عريبي / دمشق
ليلة واحدة
استضافتني الخيبة في منزلها
دربت صغارها على المشي
حتى لا يسقطوا من رأسي
أبدلت صندوق بريدها القديم بآخر
يتسع لكل رسائل أقصدقائها في العالم
أصلحت بابها المكسور
ثم وضعت كلب وداعاتي
حارساً عليه.

***

سراج محمد/ عراق
أنا المسجون في المعنى وهم صرعى
بي موت طفل وأم داخلي تنعى
وبي يتامى كبار خفت أخبرهم
أن أكفل الليل عما أسرفوا دمعا
وبي مقام فجيعات الجنوب إذا
ندبتُ فيه فقيداً جاءني يسعى
وبي بلاد بأمر الله قادتُها
لفوا العمائم كي يزنوا بها شرعا
وتدعون على خلع إمامته
وما تجرأتمو أن تخصفوا شسعا
بل تعكفون على أحزابكم شيعاً
لا تملكون لنا ضراً ولا نفعا
فكيف ينبت قمح الله في بلد
مل الحصادَ وقوّادوه هم جوعى
وهم رعاةٌ رعاياهم مصالحهم
لا فرق فيه بأن تُرعى وأن نُرعى

***
***
سهام الشعشاع/ لبنان
يامن أضفت لزهور اللوز السنونو
حملت خطاك الصيف عذباً كرفّة طيف
مرّت يداك على حرير غوايتي
يا مرحباً بالضيف اليوم أشعلني الهوى
وأنا ألملم شمل أجزائي التي احتفلت
بأعراس انتظارك لأعود لغزك كلما
عصرت قيودك معصمي أو كلما…
منيت نفسي باخضرارك

***

علي نوير / العراق
القصبة
منذ أن خلق الله هذه البلاد
بنهرين
ونخيل وأعناب ورياح شمالية وشرقية
ومياه فسيحة في الجنوب
ما زالت هذه القصبة على الضفاف
تئن بلا انتهاء
بعد أن جعلنا منها ناياً
ليتها كانت رحماً
والأغنية نشيداً
والمغني فارساً بقلب صبور
معن غالب سباح/ العراق
رب عراقي

لو كنت رباً عراقياً
لمنحت خلقي فسحة لعصياني
وأنا أنظر إليهم وأقول
يا لحيائي أني سلطت الحروب والكروب عليكم
دون أن تذنبوا
فلعلي الآن أجد ذنوباً تريحُ ضميري

***

عبد الواحد سويح / تونس
كنت أحد الأربعة في علبة سجائرها
وكنت كالثلاثة أنتظر دوري
أشعلت الأولى مع قهوتها الصباحية
وأشعلت الثانية بعد الغداء
وأشعلت الثالثة إثر العشاء
كنت ملهوفاً على أن تأخذني بشفتيها وترسلني في نزهة داخل رأسها
لم أنم ليلتها
كنت موضوعا على «التابل دو نوي» المحاذية لسريرها أتألم لغنجها وآهاتها المجنونة
كم وددت أن أكون نكهة في رأسها
حين خفتت الأصوات سمعتها تسأل حبيبها – سيجارة؟
أخذني ليقتل أنفاسي ويتم نكهته وقصتي القصيرة

***

سمرقند الجابري
توهج
أتوهج عناداً أرسم وطناً من ماء
أترك العصافير تقرر نوع فطوري
أصنع من فرحي قاطرة فضية
تمد حول بلاد الله سكتها
أدور على مدن حزينة
أغني خمس أغنيات .. أو سبع
ربما سأعلمهم فن الرسم
قد أجمع حول الغجر والسجناء
ونشن غارتنا الليلة على كاهنهم

***

إبراهيم كوريالي / العراق
أنا كركوك
لي شقيقة كبرى في أقصى الجنوب
تشاركني الأحزان وتتوشح بالسواد من أجلي
كلانا غارقان بالسواد والهم
يقيم بين ثاناياك النبي سليمان
كما يقيم بين أضلاعي السجاد أو ابن عمه الإمام قاسم
لست غريباً، أنا من مملكة بندر أوغلي في دولة السياب
أنا الأبن البار للراحل مصطفى جواد
ومازلت متشبثاً بخرقة الجواهري ولميعة عباس عمارة
تعلمت من جماعة كركوك وعلى أضواي بابا كوركور
أن أقرأ النواب (مرينا بيكم حمد)

***

كاظم مزهر
خطوط الحرب
لم أر رحماً ولوداً كرحم الكلبة
ولم أر مشبها لها كرحم الحرب
فكلاهما تهبان الأبناء علامات شتى
غير أن الحرب تهب أبناءها خطوط المأساة
خط القتيل/ خط المعاق/ خط الجريح
خط المفقود/ خط الأسير خط اليتيم
خط النازح/ خط الأرملة/ خط المغتصبة
خط المتسول/ خط المختطف/ خط المجنون
حتى المنتصر تهبه خطاً ذهبياً
في أعلى الصدر يدعى خط التوحش

***

فاطمة ناعوت/ مصر
لي أسراري أيضاً
فلا تنابزوا بالأسرار
بئس سر يُميت وردة
بعد صحوها
لي بابُ أسراري:
سر شجرة
أهملها الفلاحون ربع قرن
ولما دنا ثمرها
حجبوا الشمس عنها
فأطرقت على طميها
في انتظار تعميد المطر

***

حسين الكاصد / العراق
قف أنت وحدك في اختفائك
مت كي تدافع عن بقائك
أطفئ يديك لكي توفر من لهيبك بعض مائك
نم ها (هناك) ولا تدع شيئاً يلوّ بانتمائك
لا تصطحب عينيك هذا الليل يجفل من ضيائك
هيا تخلص من جميعك .. تاج راسك .. أو حذائك

***

بوليلي / الدنمارك
تبحث عن طفلها
وقالت بأنها تحاول إراق كل الحرائق
بدموعها
. . .
الأسلحة تستريح
الحياة تبدأ من جديد
الموت يجب أن ينتظر دوره

***

سلمان داود محمد / العراق
لا فرق بعد الآن بين (نقد النقد) لتودوروف
وأجندة (كبة الكبة) لعثمان الموصلي،
ولذلك وفقاً لكرامات (زبيبنا) الجسيم
وخليلته العزوم (مليكة)
التي ترجمها سرداً مع الدفوف وغناها
المواطن الرشيد ذو الصوت المجيد
الموسيقار (وسيم الأشرم) بصيغة مؤداها:
دندن .. دندن يا عبود
هذا الموطن شاة شاة
والمسلخ يجني الخيرات
أجلاف صاروا باشوات
جيستا يثربي / إيران

لا بداية ولا نهاية
هذا القلم، سكران
لا يكتب ما أريد
إنه يرسم دوائر وحسب
دوائر صغيرة وكبيرة
دوائر متداخلة
ودوائر متباعدة
. . .
وأنت في كل دائرة منها
تبرق
تتبسم
تتنفس

***

د. راوية الشاعر/ العراق
موال حمد
شيدنا من الرؤوس سوراً
وضعنا للبيت ألف باب
زينا الخراب
بـ بُكارة النخيل
طهونا الدين على نار طائشة
تعلمنا لغة اللوم
كلما غفا التاريخ بالطعنات
أجدنا ختان الباطل
ليُرزق الحق بأولاد سوء

***

علياء المالكي / العراق
من فجر أسئلتي والرد يربكني
هل إنني امرأة من دون معظلةِ
هل إنني امرأة إستغفرت وطناً
ضاعت طفولتها من فرط مغفرتي
هل إن وحدتنا في قلب سلسلة
في ومضة يتداعى وصل سلسلتي
أم إنني امرأة تصحو على شغف
مرت على شفتيها كل أغنية
يمضي الزمان سدى وحدي أنا وغدي
أشكو إلى وطني من فرط أضرحتي
هل إنني خطأ لم يقترفه نبي
أم إنني خطأ قد فرّ من لغتي
أوانها لغة أخرى تفسرها
لوحاتُ طالبة دقت بذاكرتي

***

ميثم الحربي / العراق
في صباح قديم
ناحت امرأة عراقية في جميع المياه؛
هرج الكلام، ومرجت الشوارع
كانت تمسكُ بيدها ريحَ قميص
ريحاً واحدةً لقميصٍ ميت
ونحن نمسك بتلك الريح معها
إلى الآن

***

أحمد الثرواني / العراق
هو العراق مهيباً باسقاً يقف
وتحته الراسيات الصم تنخسف
اني هززت تُساقط أرضنا رطباً
بينا حصاد سواها كله حشف
عراق من دون (الٍّ) صرت أنطقه
حتى تُعرّف فيه اللام والألف
كل الحضارات منذ البدء رافدها
من فيض نهريك كل الخير ترتشف
وكل داجية إن عسعست حلكاً
لما تصد إلى علياك تنكشف
فمن سواك أبي إلا العلى وطناً
يا موطناً فيه يربوا العز والشرف

***

موسى بيدج / إيران
أنا رجل لا يصلح للحب
فقد غرق زورقي
ومات حصاني
وتشابك الشوك على حيطاني
ليس في ليل قمر
ليس في خبزي ملح
ليس في جيوبي سوى عناوين تائهة
ليس في طريقي سوى باعة وسماسرة ومتوسلين وخطباء متمرسين

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة