لو كان الامر بيدي لأصدرت امرا من فقرتين ، الاولى إغلاق «كافتيريا» مجلس النواب بالشمع الأحمر ! ، والثانية ، الزام النواب بجلب « لفاتهم» معهم إلى قاعة الاجتماعات الرئيسة ، والذي لا يمكنه من جلب «لفته» معه ، بإمكانه ان يتمشى إلى مطعم فلافل معروف في منطقة كرادة مريم ، لا اريد ذكر اسمه حتى لا تكون دعاية مجانية لهذا المطعم ، وان كان لا يحتاج دعايتي ، فهو يكتظ بالزبائن طول النهار (اللهم لاحسد) !! ..
وبمناسبة الحديث عن حكاية « الكافتريا» ، فإن هذه المشكلة لم تعد حكرا على مجلس النواب ، وان كانت «كافيتريا» المجلس تتبوأ المركز الاول ، انما اصبحت ظاهرة عامة منتشرة في جميع مؤسسات الدولة ، وبات الكثير من الموظفين والموظفات لا يبرحون «الكافتيريا» فهم يقضون ساعات طويلة من اوقات الدوام الرسمي فيها ، يتجاذبون حبال الحديث في الكثير من القضايا والمشكلات الساخنة !! .. يتحدثون عن الفساد والسرقات وهدر الوقت وعدم قيام الموظف بأداء مهامه كما ينبغي بسبب الانشغال في تناول وجبات الفطور والتمتوعة والشاي والصلاة والغداء والاستعداد لمغادرة الدائرة في نهاية يوم عمل شاق ومضن جدا !!! ، تاركين معاملات الناس مركونة جانبا !!! .. والحال لا يختلف من حيث الجوهر في ما تشهده «كافتريا» مجلس النواب العراقي ، فغالبا ما يلتئم عقد النواب في اجواء هذه «الكافتريا» التي طافت شهرتها العالم وأصبحت معروفة اكثر من «ماكدونالد» او «كي اف سي» !! .
الغريب في الامر « ولا غريب إلا الشيطان» ! ان كسر نصاب جلسات المجلس لاسيما في القضايا المهمة سببه يعود إلى وجود هذه « الكافتريا» ، فلولاها ، لاضطر الاعضاء إلى المكوث في القاعة ، وبقاؤهم فيها ربما يحرجهم وبالتالي يصوتون على مشاريع القوانين المهمة .. وإلا هل من المعقول ان يؤجل مجلس النواب العديد من جلساته اياما بسبب عدم اكتمال النصاب ؟ .. هذا النصاب الذي يبدو مثل الرمال المتحركة ، ففي لحظة تجد القاعة مزدحمة بالنواب عندما لا تكون هناك قضية مهمة معروضة على جدول الاعمال ، ولكن سرعان ما يُكسر النصاب في القاعة عندما يصل الجدول إلى واحدة من القضايا المصيرية كالموازنة مثلا ، ليكتمل هناك في «الكافتريا» !! . .. فان بقيت حكاية « كافتريا» مجلس النواب مستمرة مثل حكايات الف ليلة وليلة التي روتها شهرزاد لشهريار ، فان علينا ان لا نتوقع وجود موازنة لهذا العام ، ولا استجوابات ولا اي قوانين مهمة اخرى ، فحكاية واحدة من حكايا» الكافتريا» قد تأخذ كل ما تبقى من المدة الزمنية لمجلس النواب ، اذ من المتوقع ان يتوقف المجلس عن ممارسة اعماله في مطلع شهر نيسان المقبل او ربما قبل هذا الوقت من اجل منح الاعضاء فرصة التهيؤ للانتخابات والبدء بحملاتهم الانتخابية ، واذا احتسبنا المدة المتبقية التي تفصلنا عن شهر نيسان أو شهر اذار فهي لا تتجاوز الشهرين في احسن الحالات ، فهل سنتوقع اكتمال النصاب خلال هذه المدة القصيرة والتوافق على تمرير قانون الموازنة ؟؟ .. أم أن عام 2018 سيمضى من دون موازنة أسوة بسلفه عام 2014 بسبب «الكافتريا» ؟؟ .. لذلك ، فان اغلاقها بالشمع الاحمر سيقي البلد الكثير من المشكلات .. الستم معي ؟ !!
عبدالزهرة محمد الهنداوي
حكاية الكافتريا !
التعليقات مغلقة