مجزرة النهروان الإرهابية .. نهايات المسلسل، أم مسلسل جديد؟

عادل عبد المهدي
وزير النفط السابق
إنا لله وإنا اليه راجعون.. اعلنت مصادر وزارة الداخلية ان 17 شهيداً و28 جريحاً سقطوا بعد عملية ارهابية نفذها اثنين من الارهابيين في النهروان.. وذكرت مصادر اخرى ان 3 ارهابيين يستقلون عربتين، ويرتدون الملابس العسكرية، هاجموا المارة باستعمال القنابل اليدوية واطلاق النار عشوائياً، وقامت القوات الامنية بقتل احدهم وفجر الثاني نفسه، او بقتل اثنين وفجر الثالث نفسه، حسب مصادر اخرى. ونُقل عن «اعماق» الوكالة المنسوبة لـ»داعش» «مقتل 35 عنصراً من الحشد اثر الهجوم الانغماسي الذي استهدف مواقعهم في ناحية النهروان جنوب بعقوبة».. ويغرد «داعشي» قائلاً «سترون اكثر من سبايكر».. فهل هو مسلسل جديد، ام انها عمليات مشاغلة ومحاولات يائسة بعد انتصار قواتنا الاخير؟
1 – حدث الهجوم في «سوق الشمري» واستهدف المارة من رجال واطفال ونساء، ولم يكن هجوماً ضد «الحشد» او اية قوات امنية اخرى. وهو يأتي بعد ايام من هجوم «طوزخورماتو». فبعد سقوط جميع الاراضي تقريباً التي كان يسيطر عليها «داعش»، كان متوقعاً انتشار المتسللين والهاربين بين السكان في مناطق العراق المختلفة، برغم ان المعلومات التي تؤكدها العمليات الاخيرة تشير الى وجود خلايا في حمرين وصلاح الدين وديالى، الخ.
2 – سيستمر «داعش» بتنفيذ عملياته هنا وهناك.. لكنها ستكون باستعدادات لوجستيكية اقل بكثير من السابق. وسيلجأ للانتحاريين اكثر من الهجوم بجبهات، او باعداد كبيرة، او بالسيارات المفخخة، والتي يتطلب اعدادها مناطق آمنة، وعناصر كثيرة، وشبكات معقدة ومكلفة.
3 – لا نتوقع استعادة «داعش» قوته مجدداً في العراق.. نعم سيسعى بصورته الداعشية او باية صورة اخرى للنشاط في بلدان اخرى، كما يحاول في سيناء، او مناطق اخرى في افريقيا واسيا. «داعش» عراقياً ضعف كثيراً، لكن الارهاب لم يمت لا في العراق ولا في غيره.. ويتطلب لتصفيته اتفاق جميع الدول والمجتمعات القضاء نهائياً على الفكر التكفيري، وعدم الخلط بينه وبين الخلافات السياسية الاخرى.
4 – الظروف جيدة في العراق للمضي قدماً لتصفية الإرهاب نهائياً، شرط:
أ‌- انهاء لغة الكراهية والحقد والتاليب على الاخر.. وتعميق التعايش الشيعي/السني الحقيقي، لانهاء اي احساس لدى الشيعة بان المناطق السنية هي حواضن للارهاب، واي احساس لدى السنة بانهم مهمشون ومستهدفون.. وارساء اسس سليمة لتعاون بغداد واربيل بعد الاحداث الاخيرة، والتركيز على المباني الاساسية لعلاقات ينظمها الدستور.. والتي من شأنها حل القضايا الفرعية..
ب‌- اتفاق دول الجوار كافة (والمجتمع الدولي) على محاربة الارهاب والفكر التكفيري، وعدم خلط ذلك بالخلافات السياسية. وان يكون للعراق علاقات جيدة ومتطورة مع جميع دول الجوار دون استثناء، ناهيك عن دول العالم.
ج- اعادة هيكلة التشكيلات العسكرية والأمنية بما يناسب الوضع الجديد، والاهتمام بالنوع والمهنية، والوقوف ضد العسكراتية في الدولة والمجتمع.. وتقنين اوضاع «الحشد الشعبي والعشائري» و»البيشمركة» واية فصائل مسلحة، ومنع وجود اي سلاح خارج سلطة الدولة، مع تعميق مفهوم ان الشعب هو القوة الأمنية الأساسية في البلاد..
د- اعطاء الاولوية لتعزيز سلطة القانون والقضاء، وبناء دولة المواطنة والمؤسسات والحقوق الدستورية، لتقديم الخدمات وانطلاق الاقتصاد، كأساس لمحاربة الفقر والفساد والارهاب.
ان نشوة النصر والغرق بمزايدات الانتخابات قد تنسينا اهمية هذه الامور، التي من دون اعطائها الاهتمام المطلوب، فانها قد تعيد الأجواء والأرضيات نفسها التي انطلق منها الارهاب اساساً. فالمرض موجود دائماً، ينتظر الاجسام الضعيفة ليغزوها، اما الاجسام القوية، فلها مناعاتها ومقاوماتها الرادعة.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة