المثقف العراقي وأزمة الإبداع

بعد أحداث التغيير، والانفتاح الذي شمل جميع مفاصل الحياة، كنا بانتظار التغيير الحقيقي لبرنامج ومنهاج المؤسسات الثقافية، الاهلية والحكومية، لتكون المبادر الاول بالعمل الملتزم، الذي يعكس الصورة الحقيقية للفن والابداع العراقي بكل توجهاته، ولكن وبعد مرور اربعة عشر سنة على تغيير النظام في العراق، مازال الوضع مربك وقلق ، في الاقل للاديب العراقي وللفنان العراقي الملتزم، فالبعض فضل أن ينجرف مع التيار بالتوجه الى الاعمال التجارية كما يطلق عليها لتسعفه في مواصلة حياته التي تتطلب منه الكثير من الالتزامات، ومنهم من لايقوى على التحدي والمقاومة لتلك الظروف فكان الخيار الاسهل له هو ان يكون مع التيار وليس ضد التيار.
اليوم ومع بعض التعديلات التي حصلت في عدد من المؤسسات الثقافية وسط مطالبات بالتغيير والاعتماد على امكانيات جديدة، نلمس بعض التغيير، ولكنه غير مؤثر وهو تغيير خجول اذا جاز لنا التعبير، فمازالت برامج تلك المؤسسات متواضعة جداً، والمنهاج يعتمد على الجهود الفردية لرئيس هذه الرابطة او تلك المؤسسة، والدعم الحكومي ايضا يخضع لمزاجيات العاملين في هذا المجال، وبالتالي تبقى ازمة المثقف والاديب قائمة، لعدم توفر الدعم الحقيقي لهم بالاعتماد على نظام واضح يدرج ميزانية خاصة لاتحاد الادباء مثلا ليكون قادرا على استقطاب العديد من النشاطات التي تتوزع هنا وهناك، بنحو يشكل الى حد ما ارباك في المشهد الثقافي عموماً بسبب عدم التوافق في مواعيد تلك النشاطات والعمل بها على اساس عشوائي غير مدروس مما يشكل لاحقاً أزمة اخرى، يكون فيها الطالح في مقدمة العمل والصالح يتوارى بإرادته بعيداً عن الاضواء لعدم اقتناعه بما يطرح على الساحة، ومن هنا ندعو الى التركيز على لم شمل الاديب والمثقف العراقي، ودعمه سواء كان خارج العراق او داخله، فهو الهوية الاجمل والانضج للوطن.
من الصعوبة بمكان، أن تنجب البلاد عدداً من المبدعين مثلما تتكرم على الارض بعدد من المهندسين والمحاسبين والاطباء وووو الخ من المهن، المئات بل الالاف منهم يتخرجون سنوياً، ولكن عندما يتعلق الموضوع بالمبدعين من الفنانين والادباء، يكون الامر صعباً وليس هينا، حتى ما يروج له البعض من ان عدد الشعراء في العراق تعدى ثلاثة ارباع عدد السكان في العراق، ويتهكمون على هذا الموضوع في احاديثهم الشخصية والرسمية، فنحن نتحدث عن مبدعين حقيقيين وليس مهرجين، امتلأت بهم المنتديات مثلما ازدحمت بهم القاعات الادبية والثقافية، أقول هذا وانا التقي اسبوعياً بعدد من الادباء، وهم يعانون من ازمات ولا اقول ازمة واحدة، وهنا يبرز السؤال، كيف يمكن لفنان او شاعر او اياً كان جنس ابداعه أن يطور من مهاراته ويتقدم بعمله وهو محاط بسلسلة من الازمات تبدأ بالكهرباء ولاتنتهي بالبحث عن سكن له ولعائلته !.
حذام يوسف طاهر

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة