مفوضية الانتخابات في لوحة ديقراطية البرلمان

د. بختيار شاويس
عضو مجلس النواب
خلال الجلسة الماضية لمجلس النواب العراقي، وفي خضم فرز الأصوات المتعلقة بنسبة قناعة أعضاء البرلمان بأجوبة المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، تجلت صورة مزدهرة للتنافس الديمقراطي البرلماني، حيث كان الفرق بين أصوات (نعم) و(لا)، صوتاً واحداً فقط، 119 صوتوا بـ(لا) و118 بـ(نعم(.
وقبل الخوض في افرازات وانعكاسات هذه المسألة، ينبغي الاشارة الى اهمية صوت وحيد فقط في النتائج وسير الأحداث، والأهم من ذلك أن الأمر يتعلق بالمفوضية العليا المستقلة للانتخابات التي تظهر من خلالها رموز السلطة ووجوه شخصياتها، حيث كان العدد هو الفاعل الرئيس، وإن كان ذلك حدث بالمصادفة، فصوت وإرادة عضو واحد في البرلمان يحمل مغزى عميقاً، وتم إظهار الديمقراطية في أبهى صورها للعالم الخارجي من قاعة برلمان الشعب، مع كل النواقص والمشكلات المتمثلة في الفساد الاداري والمالي وفشل الساسة في إدارة الدولة، إلا أن هذه المسألة برهنت مرة أخرى على نضج ديمقراطية نسبية في بغداد، على جميع الأطراف دعمها.
أصبحت قضية تغيير أعضاء المفوضية العليا المستقلة للانتخابات منذ فترة ليست بالقليلة، مثار خلاف بين القوى السياسية، وخاصة عند التيار الصصدري أصبحت هذه القضية من أولويات عملها ومادة دسمة لتحريك الشارع وتنظيم التظاهرات، فمن وجهة نظر كتلة الأحرار تقف هيئة المفوضية الحالية خلف الخروقات التي تخللت الانتخابات ويلطخ فساد كبير عملهم المهني ويفتقرون الى الحيادية لأنهم يمثلون الأحزاب السياسية، وهذا الخلاف هو امتداد للخلافات المستمرة والحادة بين ائتلاف دولة القانون برئاسة المالكي والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، ويعود تاريخ بروزها الى العام 2008، حينها كانت السلطة بيد المالكي وشن هجوماً على جيش المهدي بمساعدة القوات الأميريكية، ما اضطرهم الى حل الجيش، وترك السيد مقتدى الصدر بغداد متوجهاً الى مدينة قم في ايران.
وفي الوقت الراهن، إذ تم نقل الصراع بين الجانبين الى مجلس النواب وتوريط مفوضية الانتخابات فيه، لايعدو الموضوع في أبسط تحليل له، كونه نزاعاً لتسلم السلطة وكسب المزيد من الأصوات، ففي الآونة الأخيرة وكلما أثير موضوع ضعف العبادي والبحث عن بدائل، لم يتوان الصدريون عن الحديث حول فشل حزب الدعوة في الحكم، ووجوب تنصيب مرشح منهم على رأس الحكومة، وما عزز هذا التصور هو عودة أحمد الصدر ابن أخ السيد مقتدى في هذه الفترة، حيث يشبهه كثيرون بالملك فيصل الثاني.
كل هذا الشد والجذب يأتي في وقت والعراق يمر بمرحلة سياسية وعسكرية واقتصادية وديمقراطية عصيبة، فعلى الصعيد السياسي هناك خلافات حادة بين الأطراف والكتل والاستعداد للتحالفات المقبلة، وعلى الصعيد العسكري لم تحسم الحرب ضد داعش ومشكلة المهجرين مازالت باقية، وعلى الصعيد الاقتصادي انخفاض أسعار النفط مرة أخرى الذي هو شريان الاقتصاد العراقي، وختاماً على صعيد العملية الديمقراطية، البلد مقبل على انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات، وفي حال سحب الثقة من الهيئة الحالية لمفوضية الانتخابات، يحدث فراغ دستوري في العملية السياسية إن تأخر أي من هذه الانتخابات، قد لا يتم ملؤها بسهولة أو لن تكون هناك ارادة لملئها.
تغيير مفوضية الانتخابات يحتاج الى اجراءات قانونية وليس صفقات بين القادة والكتل ومقايضات تجارية، كما يحتاج الى اتفاق سلمي بين القوى السياسية والكتل البرلمانية، بحيث يكون الهدف الأسمى منه، خدمة الناخب وترسيخ العملية الديمقراطية.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة