أمين مقداد ينشر الحياة ويتحدى أعداءها في الموصل

متابعة – احلام يوسف:
لا يختلف اثنان على ان داعش رمز للبشاعة والظلام، في كل ما تحمله من افكار، وفي كل ما حملته معها من اساليب وحشية، اجبرت بها كل فرد في أي مدينة اجتاحها اعصار ارهابهم، على ان يترك كل تفصيلة حية وجميلة، ليبقى يدور في فلك القبح الذي ارادوا ان يشيعوه في تلك المدن.
ترك الملايين من ابناء تلك المناطق مدنهم وبيوتهم بحثاً عن الامان والحياة الكريمة، التي عبث بمفرداتها ذلك المسخ المتمثل بإرهاب داعش، اما الفنانون بشتى صنوفهم فكانوا هم العدو الاول بالنسبة لهذا التنظيم الضال.
امين مقداد عازف الكمان، يعيش في مدينة الموصل وكان شغوفا بآلة الكمان حيث عزف اول مرة على سطح منزله، وكان يشعر بغبطة، وهو يستنشق عطر الموسيقى من اصابع يده، غادر هو ايضا الموصل مع عائلته هرباً من بطش داعش، لكنه ترك آلاته المتمثلة بالكمان، والجيتار، والتشيللو.
ولأنه يتنفس موسيقى، فقد آثر مقداد على العودة الى الموصل، ولم يخف ارهاب داعش ليستعيد آلاته، ولم يدرِ انه بعودته تلك قد دخل الى سجن كبير، حيث منعه داعش من العودة الى بغداد بعد ان علموا انه موسيقي.
امين اختار ان يحول سجنه الى مأوى لآلاته، وحياة يبثها فيها بعد ان هجرها، فبدأ بالعزف في بيته متحديا اساليب الترهيب التي يمارسها التنظيم ضد كل مناحي الجمال في الحياة، ومن ضمنها الموسيقى، وظل يعزف موسيقاه، آملا ان تعود الحياة الطبيعية الى المدينة، ويتم الخلاص من داعش واذنابها، ويعاود نشاطاته الموسيقية.
امين ليس وحده في هذه الحالة، فهناك الكثير ممن بقوا في المدن التي احتلها داعش مرغمين، لكنهم حفروا في صخرة الحياة بحثا عن الامل بالخلاص من كل فكر متخلف ومتطرف.
كتب امين على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك قبل عام ” كنت أتمنى من كل قلبي أن أكون قريباً من أمي وعائلتي كلها، لنحتفل بميلاد أجمل شيء في عالمي … كنت وحيدا وبعيدا واعيش في سجن كبير، برغم حرية أفكاري، كنت مصرا، وأحيانا مضطرا، الى أن اكون قويا وسط التيار الجارف الذي كان يحيط بي، كان الرجوع الى بغداد حلماً صعب التحقيق، ولقائي بأمي حلماً أصعب، فبيني وبينه كوابيس كثيرة منثورة على طول الطريق من الموصل الى بغداد”، وتحقق حلم امين بعد حين، بانتظار تحقيق احلامه الاخرى.
نشر امين مع مقطوعة موسيقية له وكتب تعليقا عليها: “سأبقى انشر الحياة”، ونحن مثله جميعنا، يجب ان نتعلم مفهوم الحياة، ومفهوم النصر على اعدائها، كلّ منا من موقعه.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة