تشكّل حالة من عدم التوافق والضعف
ترجمة: سناء علي
في تقرير للكاتب ساي ايفورد نشر على موقع المعهد اشار فيه الى ان « المؤسسة التشريعية في العراق ما تزال حديثة وتفتقر إلى الأدوات والآليات الصحيحة والمستشارين والمختصين في التشريع وتشلها المحاصصة التي هي أكثر وضوحاً في مجلس النواب. لذا فأن المؤسسة التشريعية حالياً لا تجيد تشريع القوانين وأكثر القوانين سواء مقترحات او مشاريع تفتقر إلى الدراسة الصحيحة والمعمقة والهدى من ذلك أن بعض القوانين يتم اضافة مواد خلال التصويت او يخرج القانون وفيه أخطاء لغوية او يتناقض مع قوانين أخرى او بصياغة ركيكة.»
مضيفاً ان « هناك تشريعات مهمة تعزز الانتقال للديمقراطية وتؤسس لحالة التعايش السلمي وتعزز اللامركزية الإدارية التي نص عليها دستور 2005 بين مكونات العراق بعد سقوط الصنم لم يتم تشريعها كقانون المحكمة الاتحادية وقانون مجلس الاتحاد وقانون النفط والغاز وقانون توزيع الايرادات الاتحادية وغيرها من القوانين المهمة والتي هي في أغلبها قوانين خلافية تتطلب درجة من النضج السياسي وإدراك حالة الانسجام والتوافق بين الكتل السياسية والمكونات للتوصل إلى إقرار هذه القوانين.»
أما ما تم تشريعه من قوانين لحد الان فقد اشار ايفورد الى انها تشكل حالة من عدم التوافق والضعف مقارنة بعمر المؤسسة التشريعية ((ثلاث دورات وجمعية وطنية)) مع العرض بصدور بعض القوانين التي عززت العدالة الانتقالية وأضفت بعض الشرائح المتضررة من سياسات النظام السابق وحتى هذه القوانين استغلت من بعض الانتهازيين وتم الانتفاع منها لأغراض غير الأغراض التي شرعت من أجلها.لذلك لا يفوتنا أن نذكر بعض القوانين الجيدة التي شرعت بالدورات السابقة كقانون الاستثمار والحماية الاجتماعية وقانون المحافظات وقانون مجلس القضاء وإلغاء بعض قوانين وقرارات النظام السابق وغيرها من القوانين ولكن تبقى المسيرة التشريعية طويلة وتحتاج إلى جهود كبيرة وصادقة.»
وبين ايفورد ايضاً ان « ان صياغة وصناعة التشريعات هي المهمة الثانية للسلطة التشريعية بعد مهمة الرقابة على المؤسسات لكن مهمة التشريع لاتعني بالضرورة ان من يضطلع بها يكون على دراية تامة واجادة كاملة لكل الخطوات التي تمر به القاعدة القانونية.فالتشريع فضلا عن كونه مهمة وواجب هو ارادة الشعب التي اناب بها المشرع لتترجم في قواعد قانونية قد تكون ارادة كتلة اوحزب اوقومية. هذا لايقدح في كونها ارادة ما لم تتعارض مع الدستور. من هنا يبدأ التعبيرعن هذه الارادة بصيغة مقترح يقدم الى رئاسة السلطة التشريعية ليأخذ طريقه الى التشريع.عند هذه المرحلة أي بعد ظهور النية او الارادة على شكل مقترح، هل يتصف هذا المقترح بما يجب ان تتصف به القواعد القانونية من عمومية وتجريد ووضوح؟ ان ارادة المشرع او ما اوجبه الدستور من تشريعات لا يفترضان بالمشرع كما انه ليس من شروط المشرع.ان يكون على درجة عالية من الحذاقة والفهم القانوني ليستطيع معهما اقتراح تشريع او صياغة مقترح يتصف بالعمومية والتجريد والوضوح والا لكانت هناك شروطاً في كل الدساتير الديمقراطية تفرض على المرشح للسلطة التشريعية ان يمتلك قدرة عالية على التشريع وان يجيد فن الصياغة القانونية… لكني اجزم ان أي دستور لم يشترط ما سبق من شروط او غيرها عدا الشروط العامة للترشح وهي حد الكفاف من التحصيل وحسن السلوك ليس الا.»
وبين ان « فن صياغة القاعدة القانونية يكاد يكون حق حصري للمختصين به لذلك فان ما اثير من لغط ابان اصدار المحكمة الاتحادية قرارها الشهير في الدورة السابقة للبرلمان , فارسال المقترحات من السلطة التسريعية الى مجلس شورى الدولة لغرض ضبط النصوص وابعاد التضارب وازلة اللبس وتوضيح المبهم واضفاء صفتي التجريد والعموم على النصوص يجعل المقترح بعيداً كل البعد عن الطعن والتشويه والابهام والتضارب والتضاد وبذلك ينتج وليداً تشريعياً كاملا يحمل إرادة المشرع وصفات القواعد القانونية. وهذا لا ينتقص من دور المشرع ولاسيما ان مآل إقرار التشريع ليصبح قانون هو التصويت عليه بالموافقة او الرفض هو قبة البرلمان.»
واكد ايضاً ان « اجادة فن صياغة وصناعة التشريعات لم توجبه دساتير الدول على مشرعيها لكن الدوامة التي تركها الفراغ القانوني في العراق عندما اباح للمشرع ان يقترح ويشرع ولم يرسم طريقاً بين الاقتراح والتشريع ليضمن توافر صفات القاعدة القانونية فيما سيشرع من مقترح جعل بعض القوانين التي كانت نتاج مقترحات تبدو مشوهة وتحمل في ثناياها كثير من اللبس والابهام والتضاد , ولو ان المشرع رسم طريقاً يمر به المقترح في مطبخ قانوني وجوباً كأن يكون مجلس شورى الدولة ليضع ارادة مقدم المقترح في قواعد او مواد منضبطة لكانت كل مخرجات التشريع ذات صفات قانونية تتفق والمعايير المعروفة للقواعد القانونية. كما لا يملك رئيس الجمهورية الاعتراض على القوانين ولا يمكنه قطعاً الاعتراض على مشاريع القوانين لان الاعتراض عليها غير وارد، بامكانه تقديم مشروع قانون ومصادقته على القوانين شكلية ليس الا.
أي ان ما يصل الى رئيس الجمهورية لغرض المصادقة الشكلية هو القانون بعد التصويت عليه في البرلمان أي المشروع او المقترح بعد صيرورته قانون ومضي المدة فيه دلالة واضحة على الرئيس المصادقه لاضفاء الشكلية لغرض النشر وعدم مصادقته لا يعني اعتراضاً بل تعد انقضاء ال15 يوم فترة انتهاء حق رئيس الجمهورية او التزامه بالمصادقة ليصبح القانون مصادقا عليه بقوة القانون لا بقرار الرئيس. كما ان في الاحكام الانتقالية كان لهيئة الرئاسة حق الاعتراض وعندئذ يعاد القانون فاذا حصل على تصويت ثلاثة اخماس عدد اعضاء مجلس النواب عد مصادقاً عليه وفقهاء القانون الدستوري على الاغلب يرون ان لا حق للرئيس بالاعتراض على ما يشرعه البرلمان لان في ذلك مساس بالنظام البرلماني سيما ان منصب الرئيس منصب شرفي ليس الا. فلا يعقل ان تغلب ارادة الرئيس على ارادة من انتخبه.
فلنقرا نص المادة 73 الفقرة المتعلقه بالمصادقة فلم ترد كلمة مشروع قانون يصادق ويصدر القوانين التي يسنها مجلس النواب، وتعد مصادقاً عليها بعد مضي خمسة عشر يوماً من تاريخ تسلمها.»
*عن معهد بولينغي للابحاث والدراسات الاستراتيجية