عمّان ـ عدنان الفضلي:
حقق طبيب عراقي مغترب يهتم بالفن التشكيلي حلماً عراقياً طال انتظاره، يتمثل بجمع الكنوز التشكيلية العراقية التي توزعت في البلدان العربية والأجنبية، وتحقق الحلم من خلال الدكتور حسنين الإبراهيمي عبر مجمع طبي يمتلكه، بعدما أفتتح مجموعة فنية في العاصمة الأردنية عمان، وتضم المجموعة مئات اللوحات وقطع منحوتة وبعض أعمال خزفية نادرة قام برسمها وتنفيذها كبار الفنانين التشكيليين العراقيين، وقد صارت تلك المجموعة مزاراً وقبلةً لكل من يبحث عن تأريخ العراق التشكيلي نظراً لندرة الأعمال الموجودة هناك، والأرشفة المتقنة التي نفذها فريق العمل.
وقال الإبراهيمي في حديث لوسائل إعلام متعددة»ضمن اهتماماتي الشخصية المبكرة، وبوعيي للفن وأهميته الجمالية، لفتت انتباهي مبكراً روائع الفنانين العراقيين، من الذين نمّوا ثقافتي الفنية المبكرة بإنجازاتهم من خلال أعمالهم الإبداعية المبكرة في مجال الرسم والنحت والخزف، وهذه البدايات عززت ايماني ووعيي وشغفي بالفن، وخصوصاً فن الرسم بشكل مبكر، وبدأت متابعة هذا الفن كونه ارقى لغة في الحياة، وبصفتي متذوقاً ثم جامعاً وحامياً ومطوراً لهذه الفنون، إنه شغف مبكر ومحبة ومسؤولية تاريخية وسعة معرفة ووعي مستمر للفكر الجمالي، وخلال مراحل حياتي قرأت العديد من الكتب التي تبحث عن ماهية الفن وأهميته ومفاهيمه وأهدافه وكيفية التعامل مع الأعمال الفنية التي عززت ثقافتي الفنية والجمالية، وأضافت لي ثراءً معرفياً مهماً في الحياة، وفي مرحلة أخرى بدأت أدرك بوعي أهمية إنشاء مجموعة فنية وطنية واسعة من الفن العراقي، للمحافظة على هذا الإرث الحضاري».
ويؤكد الإبراهيمي إن « مجموعتي هي مجموعة فنية عراقية خاصة مقرها في عمان وبغداد وباريس، وهي مكرسة لجمع وتوثيق الأعمال الفنية العراقية بشكل صحيح ، وتعمل باستمرار على الحصول على الأعمال الفنية الحديثة او المعاصرة».
وأضاف الإبراهيمي « مبدأنا الأساس هو المساهمة في تطوير الفكر الفني والجمالي للمشهد التشكيلي في المنطقة، من خلال بناء مجموعة فنية بارزة، وجزء من هذا الهدف ينطوي على تطوير فضاء الحوار النقدي الهادف في التحليل والتقييم والتقويم وكتابة تأريخ الفن العراقي المعاصر بطريقة علمية وموضوعية والارتقاء بالفكر الجمالي لهذا المشهد «.
وأردف الإبراهيمي « لدينا فريق عمل مكوّن من موظفين عراقيين وأردنيين مقيمين في بغداد وعمان، ونمتلك موقعاً إلكترونياً يساهم في تطوير فعاليات نشر وأرشفة الفنون العراقية المعاصرة، ضمن مهمة وبرنامج طويل الأمد، بالتوازي مع محاولة المساهمة في الحفاظ على التراث الفني لعموم التخصصات الفنية التشكيلية الحديثة والمعاصرة، والسعي الى إنشاء متحف مميز يهدف الى الحفاظ على هذا الموروث الحضاري وبناء نظام أرشيف معلوماتي مهم لتوثيق كل ما يتعلق بالفن العراقي المعاصر تاريخياً ونقدياً وبصرياً «.
ويسترسل مؤسس المجموعة بالقول « اضافة لكل ما تقدم وما تضمن الموقع أسسنا لكل فنان عراقي أرشيفه الخاص لإنجازاته الفنية الإبداعية وسيرته الذاتية والكتب والبحوث ومقاطع الفيديو والمقالات الخاصة به، وهذا معزز بديمومة العمل بالأرشفة المستمرة بكل ما يصلنا من معلومات اضافية تعزز القيمة التأريخية للتوثيق لكل فنان، ومؤكد سيكون متاحاً منذ الآن للفنانين ومتذوقي الفن والباحثين والإعلاميين وطلبة الفنون بمختلف مستوياتهم الدراسية للإفادة من هذه المعلومات ، ونخطط خلال المرحلة المقبلة بنشرها وتوزيعها على المتاحف الفنية وجامعي الأعمال الفنية والمعاهد والأكاديميات لتدريس الفنون ولكل جهة رسمية او خاصة تهتم بالشأن الثقافي والفني العراقي».
وعن آلية اختيار الأعمال يقول الإبراهيمي «نعتقد ان هذا العمل يحتاج الى الكثير من المساهمات والدعم من المجتمع الفني والثقافي العراقي، بما يتلاءم مع غرض هذه المجموعة بالتنمية والارتقاء بالذائقة الفنية والوعي الجمالي لإبداعات الفن العراقي الحديث والمعاصر، وبمسؤولية تاريخية وموضوعية وحياد، ومن دون ميول أو تفضيل أو انحياز لفنانين معينين او لنقاد على حساب آخرين».
وعن عرض تلك الأعمال يؤكد الإبراهيمي أن « هذه المجموعة هي مشروع حضاري غير ربحي أو تجاري، ومجمل جهدها احترافي وأكاديمي وطوعي لتحقيق نجاح هذا المشروع وتطويره وتعزيز مكانته ووجوده بالمشهد الثقافي الفني العراقي والعربي».
وعن كيفية اختيار الأعمال يتحدث الإبراهيمي بالقول أن « اختياراتنا في الاقتناء هي فعل ونتاج حكمنا الخاص، والتي تعبر عن خبرتنا بما كان متاحاً أمامنا من أعمال فنية، وقبل كل شيء نعتمد أصالة ومصداقية هذه الأعمال ووثائق تاريخية تتعلق بتاريخ الحركة التشكيلية العراقي، والمؤكد هي ليست نهاية عملنا، وانما هو قابل للإضافة، ويستمر تحقيق هذا الطموح من خلال الجهود المشتركة للمهتمين الذين يشاركونا في نفس الرؤية والهدف، وسيتم الإعلان عن أية مساهمة نوعية إيجابية في نمو وتطوير هذه المجموعة، ونأمل من خلال هذه المبادرة أن نشجع مجتمع رجال الأعمال والشركات العراقية على إتباع خطوتنا ونموذجنا المتواضع، والبدء في دعم مجتمع الثقافة والفنون في العراق، كما نأمل أن يكون لكل شركة أو رجل أعمال في القطاع الخاص دوراً في تطوير وتشجيع وإثراء العراقيين بالإبداع وتقديم الإنجازات الفنية الحديثة والمعاصرة بما يتلاءم والتاريخ الفني الكبير للعراق والعراقيين».
وعن السعي المستقبلي يؤكد الإبراهيمي» تسعى المجموعة الى إقامة شراكات مع مؤسسات فنية وثقافية عالمية لتحقيق أهداف هذه المجموعة، إضافة لذلك نسعى ان تكون هذه المجموعة من المراجع المهمة والبارزة لكل الفنون التشكيلية العراقية، من خلال إقامة المتحف ككيان ووجود مادي حضاري، وأيضاً إطلاق المتحف الإلكتروني والأرشيف الإلكتروني الذي يضم كافة المعلومات التاريخية والفنية للتعريف بهذا المشهد في الساحة العربية والدولية، مع تعزيز العلاقة المهنية مع كافة المتاحف والمعارض الإقليمية والدولية والأكاديميات الفنية والأفراد والمؤسسات، بما يعزز خدمة أهداف هذا المشروع».
ويضيف الإبراهيمي « وموازياً لهذا الجهد ايضاً نسعى الى تأسيس مكتبة واسعة تضم كل الكتب الفنية والبحوث والمقالات والمنشورات والتسجيلات السمعية والمرئية لتاريخ الفن العراقي بمختلف فتراته التاريخية منذ بداية القرن العشرين ولحد الان، كما اسسنا موقعاً الكترونياً مهماً يضم كل ما تقدم بأرشفة هذا المشروع بشكل تفصيلي ودقيق».
وعن تأصيل الأعمال الفنية يقول الإبراهيمي»من أهم أولوياتنا في هذه المجموعة هو تأصيل ودقة الاختيار ومصداقية الأعمال الفنية التي تضمها المجموعة من خلال لجنة متخصصة من الخبراء باعتماد محددات الفحص للتأكد من أصل العمل وعائديته للفنان التشكيلي العراقي ولعل أبرز هذه المحددات هي التأكد من الفنان مباشرة اذا كان على قيد الحياة عبر شهادة الفنان واعتماد الدراسات المقارنة أو التتبعية لأسلوبه الفني، واعتماد مصادر موثوقة بالشراء وحسب الأولويات المعتمدة : الفنان أو عائلة الفنان أو ورثته أو أي مصدر ثقة مع التوثيق لذلك».