عبارات الاهداء على الكتب: للتذكير ام للتمني؟

وداد ابراهيم

كلمات الاهداء التي يسجلها البعض على الصفحة الاولى من الكتاب، عادات يسند بعضها بعضاً يقتضيها منا محيطنا المباشر وهي تلبي سلوكا ادبيا وحضاريا، لذلك نراها تتماسك وتكون جملة واحدة وهي جزء من الواجب العام للكاتب او لمن يحب ان يهدي كتابا للأخر.
كثيرا ما شدّت انتباهي عبارات وتاريخ الاهداء، على الصفحات الاولى من الكتب التي اشتريها من المكتبات والارصفة، ويراودني سؤال: هل ان صاحب الكتاب قد رحل عن الحياة او انه باعه مع مكتبة له؟ كما تحدث لي صاحب مكتبة عن المكتبات الكبيرة التي يشتريها من البيوت فيجد فيها امهات الكتب الادبية والتاريخية والعلمية وفيها الكثير من عبارات الاهداء الجميلة والغريبة.
سأتصفح عبارات الاهداء وأضع امامكم نبذة من الكتاب اوعنه وقد تكون هذه فرصة لنقوم برحلة مع كتب فلسفية وادبية وعلمية.
كتاب منابع الفلسفة الغربية لـ (هنري برغسون) بقلم الدكتور(كمال يوسف الحاج) وفي الكتاب عبارة اهداء ( مكتبة علي الفيروزي 16/11/1986 ) واهداء اخر (اهديه الى الاخ الاكبر جاسم ابو الاء 5/2/2000) واذا ما تصفحنا الكتاب فان (برغسون) قد ضربت شهرته في انحاء العالم كله بعد ظهور هذا الكتاب او هذه الملحمة وجعلته قبلة انظار العلماء والفلاسفة، قاطبة، ومحط الاعجاب عند اهل البحث. وقد تلقى على إثره دعوات من جامعات العالم ليحاضر حول موضوعات فلسفية هي من اختصاصه، ولكنه ظل رابط الجأش، لا تأخذه نشوة الانتصار ظل معتدل السير على دربه، يعمل بإيجاب وتواضع ليصل الى الحقيقة الراهنة.
مؤلف كتاب (الطوفان) كتب كلمته الى ولده وهي (الى ولدي الاعز مع دعواتي بالتوفيق والنجاح بغداد 20/12/1978 الاربعاء مساءً فاضل عبد الواحد علي).
يتناول الكتاب موضوع (الطوفان) في المراجع المسمارية بصورة رئيسة اي في النصوص السومرية والبابلية والاشورية المختلفة كما وانه يتضمن في النهاية الاشارة الى (الطوفان) في ضوء المكتشفات الاثرية في وادي الرافدين، ويؤكد الكتاب على ان المدلول اللغوي لكملة الطوفان في السومرية والبابلية تعني ارتفاع وطغيان المياه وهو حادث اعتقد القدماء انه وقع في عصر موغل في القدم وكان كونيا، اي لم يقتصر على وادي الرافدين فقط وانما شمل العالم القديم بأسره.
اما كتاب (الكساندر بلوك) قصائد مختارة نقلها عن الروسية (حسب الشيخ جعفر) عبارة الاهداء هي (هديتي الى اللجنة المحلية للرصافة ابو سلام 26/8/2005) والكتاب صادر عن دار الرشيد للنشر عام 1981 سعر الكتاب 200 فلس
جاء فيه: كتب بلوك قصيدتيه الشهيرتين ((الاثنا عشر)) و((السيثيّون)) وقد وضعت القصيدة الاولى حدّاً فاصلاً ونهائيا بين الشاعر والاغلبية من اصدقائه الرمزيين ولم يتعرض الشاعر في حينها لحملة من الاضطهاد المنظم مثلما تعرض بلوك فقد شنت في وجهه زوبعة من التهجم في الصحف اذ كان لهذه القصيدة دوي ممجد هائل وكانت مقاطع منها تخط كبيرةً على اللافتات واعتبرت اعظم انجاز شعري وكان الجنود يرددونها في تجمعاتهم. اضع لكم مقاطع منها
سوداء هي الامسية
ابيض هو الثلج
واية ريح ، اية ريح!
من الصعب على المرء ان يقف على قدميه
اما كتاب (خوارق الابداع) وهو سلسلة كتاب الباراسايوكولوجي تأليف (شفيقة قره كله) فقد كان الاهداء عبارة عن اسم (مازن عبد العزيز شفيق 11/9/1990 الثلاثاء) والكتاب صادر عن الدار الوطنية للنشر والتوزيع والاعلام سنة 1990ويبحث في علم الباراسايكولوجي هذا العلم الطامح الى اكتشاف طاقات الانسان المجهولة وخوارق الظواهر من تأهيل للفكر على المادة والخروج من دائرة الزمان والمكان، ولهذا العلم انصاره ورافضوه يكثرون بين يوم واخر وتنامى من حوله معسكران المؤمنون به والمنكرون له وهم ساخرون هازئون.
لتنتهي قائمتي مع رواية (عشيق الليدي تشاترلي) ترجمة غياث حجار للكاتب د. هـ. لورنس منشورات مؤسسة المعارف في بيروت عام 1967 وقد اكتفى صاحب الكتاب بكتابة اسمه (يوسف الحيدري).
بداية الرواية تقول: «اننا نعيش في عصر يتميز بطابعه الفاجع، ولكننا نغمض اعيننا عن ذلك، لقد حدث الطوفان وحل الدمار وها نحن ذا نبدأ في اعادة بناء حياتنا من جديد، وهذا عمل شاق، فلم يعد هناك طريق سهل امامنا الى المستقبل ونحن ندور حول العقبات او نتخطاها بصعوبة وانه لمن الضروري ان نعيش، رغم سقوط كل السماوات.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة