يحيى عبد القهار:
سمير خليل
قادما من مدينته الاثيرة، الرمادي وعائدا اليها، ينثر النحات يحيى عبد القهار مجسماته وشخوصه المضمخة بالالوان، يجسد من خلالها رؤاه وقناعاته عما نمر به من احداث.
النحت في اجندة عبد القهار عالم خاص لكنه ابن عصره وواقعه، فهو يوثق الاحداث ويختصرها بانحناءة نصب او صرخة جسد، شخوصه تتشح بالحزن عندما تحل الازمات والمآسي، يراهن على التجربة العراقية بالنحت ويثق بانها ترتدي رداء العالمية.
عن علاقته بالنحت واللغة التي بينه وبين هذا الفن يقول: بدات علاقتي بالنحت عام 1973 مع دخولي أكاديمية الفنون الجميلة بجامعة بغداد ودراستي فن النحت على يد اساتذة كبار، واستمرت العلاقة الى اليوم عدا انقطاع امتد من غزو العراق للكويت حتى الغزو الأمريكي للعراق، وبالنسبة للغة بيني وبين النحت فانا اعتقد ان اللغة هي ارتباط الفنان بالعمل الفني رغم كل ما يمر به من ظروف، وكذلك ضرورة تواصله الدائم مع الفن والمنتج الفني حتى وان انقطع نتاجه الشخصي”
- اكثر المواد طواعية بين يديك ؟
“اكثر مادة مطاوعة للنحت، الطين، ففيها تتشكل افكار النحت القابلة للتكوين، لكن كثير من الفنانين التشكيليين يتجاوز هذه المسألة بعد فترة من حياته الفنية فيبدأ بتشكيل افكاره ذهنيا ثم ينقل ذلك الى نموذج ذو بعدين ( رسم تخطيطي اوسكتش) ثم يبدأ بالتنفيذ على مادة العمل التي يرى انها الاقرب لاحتواء وحمل فكرته تقنيا وجماليا وقدرة للوصول الى ذهن المتلقي فهو المعني بإخراج العمل الفني الى حيز الوجود”. - برأيك كنحات، هل يتفوق هذا الفن عن مثيلاته في طرح الرؤى والافكار؟ بماذا يتميز عن غيره من الفنون ؟وهل يرتقي النحت العراقي لمصاف العالمية؟
“من المفترض ان يكون للنحت القدرة على مخاطبة ذهن المتلقي الواعي والمثقف كما له القدرة على مخاطبة من ليس له تلك المقدرة وهذا الامر هو ما يحدد تقبل من يشاهد الاعمال النحتية ويتفاعل معها بزيارة موقعها والتعاطي مع مكان وجودها ان كانت في ساحة او امام او داخل مبنى، ومن جانب اخر يجب ان يكون النحات على قدر من الثقافة وان تكون له المقدرة على استيعاب الافكار والتعبير عنها بأفضل كيفية ممكنة حتى يخرج العمل ابداعيا متكاملا لا يعتريه نقص او يعوزه اكمال فكري او شكلاني”.
وعن ارتقاء النحت العراقي لمصاف العالمية يضيف ” النحت العراقي سليل النحت الرافديني، والنحات العراقي اثبت انه قادر على حمل المشاهد على التفاعل مع الاعمال النحتية على الرغم من حداثة وجود النحت المعاصر امام عينه فالمقدرة الابداعية للنحات وسرعة تداخله مع تجارب العالم لم تمنعه من تأصيل تجربته الذاتية (العراقية) وطرحها باساليب تظهر براعته في الفكرة والتنفيذ وجمالية الشكل المعبر عن تلك الفكر وابعادها المتصلة بالمتلقي والمجتمع.
“ويتابع ” استطيع القول ان تجارب عديدة في النحت العراقي هي عالمية المنحى والوجود، مثل عمل جدارية الحرية لجواد سليم واعمال صالح القره غولي والكثير من اعمال غيرهما داخل العراق وخارجه”. - انت من الذين عاصرو الفترة السوداء باحتلال داعش لمساحات من البلاد، كيف واجهت الموقف وكيف ساهمت في مواجهته وادانته؟
“عند دخول عصابات داعش، عمدت في اليوم التالي لوجودهم في مدينة الرمادي الى تحطيم احد اعمالي بسبب حجمه وكان من الخشب فجعلته عدة قطع لا يفهم من يراها شيئا عنها، ثم اخفيت باقي الاعمال في الورشة تحت كومة نشارة خشب اذ ان مشغلي جزء من معمل نجارة، وأخفيت الباقي في البيت تحت كومة حطب، وبعد ذلك خرجت انا وعائلتي من المدينة، وعن مساهمتي بمواجهته فانا في مدينة تحررت من قبضة جرم فاضح اقدم على اعدام أبرياء ضحوا بدمائهم في سبيل وطنهم لذلك قدمت اعمالا تمجد شهداء سبايكر وكل المغدورين الابرياء، وشاركت في نسختين من المعارض التي اقامتها العتبه الحسينية لتمجيد فعلهم البطولي”.
لفناننا الدؤوب حضور فاعل ومشاركات متميزة في المعارض المحلية والعربية والعالمية، بداية من معرضه الشخصي الاول في قاعة حوار، والشخصي الثاني على قاعة مجلس الاعمال العراقي في صويفية بعمان الاردن عام 2018، كما اقامت وزارة الثقافة والسياحة والاثار معرضه الثالث ( الكتروني) من سلسلة معارض الفن التشكيلي العراقي تحت رقم 78، بالاضافة الى انه احد مؤسسي فرع الانبار لنقابة الفنانين العراقيين وله مشاركات واعمال في القاهرة بمصر والبحرين وتركيا وتونس ودبي، وكان من المؤمل ان يقيم معرضه الشخصي الثالث في دبي شهر شباط الماضي الا ان وباء كورونا عطل الحياة العامة بجميع مفاصلها، و يستعد حاليا لاكمال اعماله للمعرض الثالث لكنه قد يعود الى عمان لاقامته هناك في إحدى قاعات العرض كما فعل بالمعرض الثاني.