حسن السوداني
بعد سقوط النظام الدكتاتوري السابق ، اعتدنا نحن العراقيين على رئاسة الجمهورية بزعامة كردية تحمل روحا وطنية تقترب من معالم الروح العربية!. وتجسد ذلك بشخص الرئيس الراحل العظيم فخامة الرئيس جلال طالباني .. والدكتور لطيف رشيد الوزير السابق والقيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني هو الشقيق غير التؤام لروح طالباني وواكب نضاله عبر أكثر من نصف قرن ، فيما يعد الاتحاد الوطني الكردستاني حزب الرئيس طالباني هو الاخ غير الشقيق للأحزاب الوطنية العراقية ، حيث ولد الاول في بيئة كردية نشأت بين قمم الجبال ووديان كردستان ليخوض كفاحه القومي والوطني ضد الأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة في العراق ، والثانية احزاب اضطرتها ظروف الكفاح السري الى الهجرة من مخابئها في بغداد ومدن الجنوب للاستقرار في الجبال التي نشأ الاتحاد الوطني في قممها بزعامة مام جلال ..
لطيف رشيد شخصية كفوءة وهادئة قاد وزارة معنية بالمياه والري في بلد حيث لا ماء ولا عمليات ري في مابعد2003 ، عمل بجهد كبير من أجل توفير المياه ورسم خارطة مائية وسياسية للبلاد ، وربما انتج مركزه الاستراتيجي المتخصص في مجال المياه والري دراسات وابحاثا وطنية مالم ينتجه مركز عربي او عراقي آخر . فمن هو الدكتور لطيف رشيد العراقي الكردي الذي ترشح ليتبوأ رئاسة الجمهورية في المرحلة المقبلة؟.
الدكتور رشيد يعد اقل الشخصيات الكردية مناكفة ومتابعة للخصومات الكردية – العربية في بغداد. لا يتدخل في مواطن الخلاف إلا من أجل الصالح العام المشترك ، فيما تجده من القيادات الاتحادية القلائل رابضا على ساتر الوطنية خصوصا حين يتعلق الامر بمستقبل العراق. يقف بثبات وقوة الى جانب الشخصيات الوطنية العراقية ضد سياسات اقليمية حاولت ثني العراق عن مواقفه ازاء وحدة ترابه الوطني ومستقبل التعايش العربي – الكردي في العراق ولم يغلب انتماؤه الكردي على انتمائه الوطني للعراق .
لم نره في مؤتمر او منصة عربية أو غير عربية إلا مدافعا عن حقوق شعبه ، وربطها بالمصير الوطني العراقي الواحد . ان حق تقرير المصير في خطابات د. لطيف رشيد لا يعني فصل النضال الكردي عن النضال الوطني من أجل الديمقراطية في العراق ، بل تركز على حماية مكاسب التجربة الوطنية العراقية التي تشكلت في لحظة عراقية ودولية صعبة ، مع ضمان حق الكرد في بيئة سياسية وطنية لا تسقط الخاص في حضن العام ولا تلغي خصوصية احد في لغته وطريقة عيشه واسلوبه في ادارة أمته واقليمه.
د.لطيف رشيد هو من الشخصيات السياسية التي تدافع عن حقوق شعبها في العيش والمشاركة بالسلطة والحكم ، دون ان يتحول هذا الحق الاجتماعي المشروع الى اعلان صادم أو خيار هادم!.
اورثت مدرسة جلال الطالباني في الحياة العراقية نوعين من الرجال..
الاول يرى في الجبل خيارا استراتيجيا لاعادة انتاج الحياة الوطنية بما يحقق للكرد المستقبل الامن والعيش الكريم وعلاقات عربية ودولية واقليمية مستقرة ، لهذا نرى اليوم الاتحاد الوطني يسهم ويشارك في ادارة اقليم كردستان ، الى جانب استمراره في تأهيل كوادره واتباعه وجمهور مجتمعه الكردستاني بقوة عسكرية قادرة على حماية مكتسبات شعبه.. ان رائحة الجبل في ذاكرة البيشمركة اعذب من عطر مهرجان «كان» السينمائي وربما يتساوى في ذاكرة هذا المقاتل الشجاع أكان هذا العطر الذي يستنشقه من مزايا العطور الفرنسية أم من ميزة عطور الجنة في السماء!.
الثاني .. يرى الاتحاد الوطني في تطوير الحوار السياسي العربي الكردي على اسس المشترك الديني والانساني والقيمي والوطن الموحد ، هو القاعدة المحورية التي تحقق استقرار المجتمع العراقي بكافة مكوناته العرقية والدينية والمذهبية ، وهذا الحوار صرف الطالباني ثلاثة ارباع عمره من اجل تدعيمه واشاعته في العراق.
امضى لطيف رشيد شطرا كبيرا من حياته ضمن قوى المعارضة العراقية الى جانب اخوانه في الحركة الاسلامية والوطنية العراقية ، وكان احد الشخصيات الناشطة في المؤتمر الوطني العراقي الموحد الذي كان الجامع المشترك لجميع القوى العراقية المعارضة لنظام صدام حسين ، ويعد من اهم الشخصيات الوطنية التي حاورت ضمن فريق المعارضة العراقية شخصيات دولية، وسياسية فاعلة في المؤسسات الاميركية المسؤولة عن الملف العراقي في الخارجية والبنتاغون..
هذا التاريخ السياسي هو الذي جذب لطيف رشيد الى منصة وزارة الري في العراق ، فلم يذهب اليها كما هرول الاخرون . وربما كانت «الري «اقرب الى سقي المحصول منها الى «الارواء» ، وربما كانت شخصية لطيف رشيد اقرب الى سقي المشروع الوطني في مواجهة الدكتاتورية عبر سنوات طويلة من النضال القومي والوطني بما توافر لديه من قدرات وكفاءات مكنته من الظهور بعد 9نيسان 2003 وزيرا في الحكومة وقياديا ناجحا ومستشارا له رأيه في قضايا الدولة والمصير والمجتمع.
كعراقي عربي أميل الى تولي د.لطيف رشيد رئاسة الجمهورية العراقية ايمانا بما زرعته المدرسة الطالبانية ومبادئ الاتحاد الوطني الكردستاني من وسطية وتسامح واعتدال وحرص على المشروع الوطني ووحدة المجتمع والدولة.
في 25,9,2017 تهدد العراق موج تقسيمي لم ير العراقيون شبيها له ، لا في ظل الاحتلال البريطاني للعراق 1914-1917 ، ولا في ظل الاحتلال الاميركي في 9نيسان 2003 ، وكاد العراق بسبب الإستفتاء الذي خطط له مسعود البرزاني ، أن يغرق في اتون حرب اهلية يطاح فيها برأس التجربة الوطنية العراقية الجديدة ، وتطيح أيضا برؤوس العرب والكرد معا على جانبي الحدود المشتركة!. ورغم المصدات الاميركية والبريطانية والايرانية والتركية والسورية والعراقية ، لكن الخيرين من قيادات الاتحاد الوطني الكردستاني وطلاب المدرسة «الطالبانية» الوطنية هم الذين حرصوا على وحدة العراق ووقفوا بثبات ضد مشروع تقسيمه تحت ذريعة الاستفتاء!. فلولا موقف الاتحاد الوطني الكردستاني الحريص على وحدة البلاد ، لكان العراق يغط اليوم في سبات التجربة والتقسيم والحرب والاشتباك والضحايا!.
لهذا حين ادعو القوى الوطنية العراقية الى دعم اختيار الدكتور لطيف رشيد واستبعاد غيره من أنصار التقسيم وتمزيق البلاد وإنهاء هيمنة بعض القيادات الكردية على قرار اختيار رئيس الجمهورية ، فللاسباب الوطنية التي ذكرتها آنفا، ولان الاتحاد الوطني هو الضابط للايقاع الوطني في الوضع القومي!.
بوجود «الرئيس» لطيف رشيد في بغداد نشعر نحن العرب بأن وحدة البلاد مصانة، وان العراق سيحافظ على توازنه وشرقيته وعروبته ويحمي اهله الكرد من غاثلة المستثمرين بدمه وعرقه وتضحياته.
ان لطيف رشيد كرئيس للجمهورية ليس هو الضامن لوحدة البلاد والقيم على تنفيذ الدستور العراقي وحسب ، بل هو قيمة موضوعية قادرة من موقع النضال القومي والوطني على تنفيذ الدستور العراقي ، وهو القيمة النضالية الكردية التي حافظت على سويتها برغم ما اصاب الجسد الكردي من مثالب ولم يتغير أو يتبدل وبقي يضع ملاحظاته الوطنية امام الأطراف الاقليمية الأخرى دون ان يداخله احساس بالضعف ، وهذه مواقف يقابلها الطرف الآخر بالسماح لجيوش دول مجاورة بقصف القرى الكردية المحاذية أو بتجفيف منابع المياه الصادرة من رؤوس الأنهار.
ان لطيف رشيد هو وريث جلال الطالباني في احساسه الوطني وشخصيته العراقية الوطنية الحقيقية، فلا تستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير. يا جماعة الخير