في مواقع التواصل الاجتماعي انتشرت مؤخراً حكاية شعبية مؤثرة لها علاقة بالشهامة والمروءة والغيرة والضمائر الحية، جرت أحداثها في ستينيات القرن الماضي، أنقلها حرفياً من دون التصرف بمحتواها، وبعد الانتهاء من قراءتها سيكون لدينا معها “رباط للسالفة” !
“كانت منطقة الميدان والقريبة من منطقة باب المعظم معروفة لأهالي مدينة بغداد لوجود أكثر من بيت للدعارة فيها .
يروي لنا سائق التكسي أنه في أحد الأيام وبينما كان يحمل راكباً من الميدان الى الباب الشرقي، حاولت أمرأتان أن توقفا السيارة، عندها صاح الراكب بسائق التكسي: عمي لا توكَف لا توكَف وآني أنطيك كروتهم، استغرب سائق التكسي لهذا الطلب ولكنه عمل بنصيحة الراكب ومضى في طريقه .
وعند الوصول الى منطقة الباب الشرقي، أخرج الراكب نقوده وحاول أن يدفع أجرته مع أجرة المرأتين، عندها قال له سائق التكسي: عمي بس كَلّي شنو السبب اللي ما خليتني أشيل النسوان وكروتهم على حسابي؟ عندها ضحك الراكب وقال : عمي آني أشتغل (كَواد) والناس كلها تعرفني وهذوله النسوان مبينين بنات أوادم، أخاف لا أحد يشوفني وياهم ويظن السوء بيهم، عندها رفض سائق التكسي أخذ الفلوس من الراكب لشهامته!”
عندما رويت هذه الحكاية الى زميلي في العمل، والتي تحمل الكثير من المعاني والعبر للذي يفهم طبعاً ببواطن الأمور ابتسم زميلي الذي يعمل في مهنة الصحافة منذ أكثرمن أربعة عقود وقال لي: إن حكايتك تذكرني بأحد الأشخاص الذين يمتهن حاليا مهنة “راكب التكسي” نفسها في حكايتك، لكنه اتخذ من الصحافة والاعلام غطاءً لمهنته الأصلية !!
يقول زميلي: قادني القدر الى أن أكون وجهاً لوجه مع “بطل الفلم” هذا الذي تسلل الى مهنة الصحافة من السياج أو الشباك أو من فتحة المجاري.. منصّباً نفسه على مؤسسة صحفية وإعلامية ورئيساً لتحرير صحيفة بائسة تخصصت بالفضائح والأكاذيب والابتزاز العلني وهو الذي لم يكتب سطراً واحداً في حياته ، بل حَوّل مكتبه من الكتابة الى بطولة وإنتاج الإفلام … العائلية!
إساءته لمهنة الصحافة جعلتني استوقف “بطل الفلم” بيني وبين هذا الذي كان برفقة عدد من المندوبات “الصحفيات” اللواتي يعملن بمعيته تحت طلب الزبائن.. والكلام لزميلي الصحفي وأساله :
– أجبني بصراحة .. لماذا تحاول استغلال مهنة الصحافة والإساءة إليها للتغطية على مهنتك الأصلية وهي تدر عليك ربحاً جيداً، وأنت غير مضطرالى ذلك ؟
– بطل الفلم: هذا لا يعنيك فإن ربحي قد تضاعف لأنها فرصة أن تكون من أصحاب النفوذ والعلاقات، فضلاً عن “الصحافة” باتت اليوم هي السلطة الاولى في البلد وليس الرابعة ، وأن الكتابة والنشر والتلفيق ضد هذا المسؤول أو ذاك واتهام هذه الوزارة أو تلك المؤسسة تحقــق أهـدافنــا ، وهذا يعني أيضا أنها أفضل وأسهل طريقــة للوصــول الى المسؤولين واختراق مؤسســات الـــدولة والسيطرات والأجهزة الرقابية ؟
– زميــلـي الصحفي: ولماذا تسيء الى سمعة الآخرين والتشهير بالأبرياء والوطنيين المخلصين عبر صحيفتك ؟
– بطل الفلم: بصراحة “بس لا تكَول لأحد “للحصول على الأموال طبعاً.. وتعمد الإساءة للشرفاء، لأني فقدت كل شيء يمتلكه الرجل الرجل ، ولهذا أحاول إقناع نفسي بأن الآخرين ليسوا أفضل مني، ولهذا أحاول خلط الأوراق والتشويش عليهم عسى أن أتخلص من هاجس وعقدة “النقص” التي تؤرقني !
– الزميل الصحف: ونقطة الحياء؟
– بطل الفلم: سقطت منذ زمن..!
– الزميل الصحفي: والضمير ؟
– بطل الفلم: لم أتعرف عليه بعد..!
– الزميل الصحفي: والرجولة والشهامة ؟
– بطل الفلم: يضحك.. ذهبت مع أهلها !
– الزميل الصحفي: من يكتب لك أو يحرر لك مواضيع صحيفتك؟
– بطل الفلم: هناك العديد ممّن فقدوا “عذرية الصحافة” يعملون تحت إمرتي وينفذون تعليماتي !
وعندما انتهى زميلي الصحفي من قص حكايته مع “بطل الفلم” قلت له لا تستغرب..”فإن فاقد الشيء لا يعطيه “وقالوا ايضا ” إن لم تستح فافعل ما شئت “أمثال هؤلاء.. تجعلنا نترحم على “راكب التكسي” من منطقة الميدان.. لأنه أقل ما يقال إنه كان يمتلك ضميراً وغيرةً وشهامة ويخاف على سمعة الآخرين.. أكثر من “بطل الفلم” !
– ضوء
فاقد “الغيرة” الــــوطنية يطعن بالشرفاء !
عاصم جهاد