عامر القيسي*
كنـّا قد كتبنا في هذا المكان نفسه أننا أمام طبقة سياسية لم يعد لديها ما تقدمه، وان كل ما كان بجعبتها قدمته لنا على طبق من أزمات وحروب صغيرة متناثرة ومتنقلة وعدة إنتخابات شابها الكثير من الكلام عن التزوير وسرقة الأصوات وإستخدام السلطة ..
وتقبلنا عتباً على “قساوة” ما قلناه وكان جوابنا إنتظروا القادمات من الأيام وإنتظر الجميع .. وحال البلاد من أزمة الى أزمة .. وقلنا الإنتخابات ربما تكون حلاً .. وإنتظرنا وقيل الكثيرعن طبقة جديدة وقيادات شابة وتحولات في الرؤيا السياسية من هذا الفصيل وذاك الحزب وهذا الإئتلاف ..
ماذا يحدث الآن بعد الإنتخابات وما سيحدث في المستقبل ؟
ينطبق على الجماعة المثل العراقي “تيتي .. تيتي .. مثل ما رحتي جيتي” الذي يضرب لمن يذهب بمهمة فيعود خالي الوفاض أو لا جديد لديه فيقال فضلاً عن ذلك “عادت حليمة لعادتها القديمة” .. الجماعة عادوا كما لو كنـّا في أجواء 2005، حيث أعلن عن إحياء “التحالف الوطني” بمكوناته الشيعية، فيما أعلن على الطرف الآخر قيام “الإئتلاف العراقي” بمكوناته السنّية، والركن الثالث هو الكرد الذين لديهم إئتلافهم الكردستاني الكردي منذ الإنتخابات الأولى ..
وهذا يعني، ليس تنصلاً عن كل كلام دولة المواطنة والتغيير والهوية العراقية .. إلخ من الكلام الجميل الذي سمعناه قبل الإنتخابات فقط … بل وجدنا أمامنا الآن كتلة شيعية وأخرى سنّية وثالثة كردية وعلى هذه الأرضية ستجري الأمور القادمة من تراضيات وتقاسمات للسلطة حتى لو رشح التحالف الوطني شخصية جديدة لمنصب رئيس مجلس الوزراء والذي سيجد نفسه محكوماً بالواقع الذي أمامه وان زوّقه بما يسمى بالشراكة الحقيقية، وحتى لو تبنى مبدأ الأغلبية السياسية التي لن تكون سياسية في دائرة مغلقة من هذا النوع، وان بقي المالكي لدورة ثالثة فأن أغلبيته السياسية لن تكون قادرة على الخروج من هذا النفق مهما أضفى عليها تنوعات لتبدو الفكرة متطابقة مع الواقع السياسي!!
لقد أعادت الطبقة نفسها إرتكاب الخطأ القاتل نفسه الذي أحكم وإستحكم بكل معطيات الحياة السياسية وما نتج عن الإستحكام الأول لهذه الثلاثية من إنحدار في البلاد الى مستويات مروعة من الفساد والتشرذم السياسي والانهيارات الامنية وفقدان الامن ففزنا بجدارة على مراكز متقدمة في عشعشة الفساد وليس محاربته ، واعتبرت العاصمة اسوأ مكان للعيش مقارنة من عواصم العالم بما فيها العاصمة الصومالية مقاديشو، وتوأمة مع الصومال فقد أصبح جواز سفرنا الأسوأ علمياً متقدماً على الصومال بدرجة واحدة، أما الأمن والأمان فهو من قصص ألف ليلة، وآخر إحصاء لوزارة الصحة ان شهر نيسان الماضي شهد سقوط ألف شهيد بإستثناء ضحايا أزمة الأنبار من الجيش والأهالي ..
هل هذا المنظر المأساوي مرشح لإصطياد اللقب الأول في المشهد السياسي القادم ؟
لا أحد يرغب بذلك، لكن معطيات الواقع غير التمني والرغبات.. ولن نكون متشائمين لو قلنا ان تكرار المشهد السياسي على ما يبدو انه سيقوم عليه لن يخرجنا من الدائرة الجهنمية التي ندور فيها جميعاً والتي تحرق حياتنا الأخضر فيها واليابس!!
ونقولها بكل وضوح لو ان الطبقة السياسية الحالية المكررة، أعادت إنتاج المشهد السابق، وهو ما ستفعله، فأننا سنكون أمام أربع سنوات جديدة ربما نترحم فيها على الأربعة التي سبقتها، وسنقول لأصحاب الشعارات “شكال بهلول” !!