مازلت شاهدا على حفل الافتتاح التجريبي لمناجم الفوسفات في منطقة عكاشات عام 1983 التي تقع بين مدينتي الرطبة والقائم التي تعد من المناطق الغنية بالفوسفات ومعادن أخرى مثل الكوارتزايت والدولومايت ورمال الزجاج (المرو) والرمال الثقيلة وهي نوعية خاصة من الرمال تتواجد فقط في منطقة وادي عامج والكعرة، وتتميز بوجود عدد من المعادن المهمة مثل الزركون التورمالين والمونازايت والبورسلينايتي.
واصبحت هذه المناجم بالمجمل تعاني “من إهمال حكومي جعل منها منطقة مهجورة، إضافة إلى أن سيطرة جهات مسلحة على المنطقة، يعيق إتمام أي عملية لاستثمار المنجم، المملوك لوزارة الصناعة والمعادن التي رفضت بدورها الموافقة على عروض عدة لاستثمار المناجم من قبل شركة بريطانية، وبرغم محاولات الشركة لاستحصال موافقة الوزارة، طوال الخمس سنوات الماضية، إلا أنها باءت بالفشل”.
كما بات من الواضح إن “المنشآت التابعة لوزارة الصناعة والمعادن في الانبار تعاني الإهمال بشكل كامل، وخاصة مناجم فوسفات عكاشات، المتوقفة عن العمل منذ سنة 2003 مع أن الواردات التي تأتي من المنجم في حال تشغيله، لا تقل عن واردات تصدير النفط الذي تعتمده الحكومة العراقية في تمويل ميزانية الدولة”.
أن “المناجم كانت تعمل بشكل تام، قبل عام 2003، كما أنها تحتوي على مدينة سكنية، إضافة إلى آليات عالمية الصنع وبأحجام ضخمة، إلا أنها باتت منطقة مهجورة، ولا يوجد حتى دوام للموظفين هناك وهي تعاني من سوء الادارة، كما أنها بحاجة إلى دعم دولة كاملة وليس على مستوى محافظة فحسب”.
ومن خلال معلومات بسيطة نقدمها للمواطن لكي يعلم ان العراق يعد ثاني بلد في العالم من ناحية الاحتياط غير ان نوعيته متوسطة ويحتاج إلى معالجة وتركيز ليصبح صالح للصناعة ، وقد تم احتساب الاحتياطي الصناعي في منطقتين الأولى قرب محطة H-3 والثانية في عكاشات والمستثمرة في تمويل معمل الفوسفات لغرض صناعة الاسمدة الفوسفاتية بطاقة وصلت إلى أكثر من مليون طن سنوياً.
وقد كشفت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية في ايلول 2011 عن العثور على كميات ضخمة من الفوسفات من “النوعية الجيدة” في منطقة الأنبار وقالت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية إن الهيئة قدرت الاحتياطيات العراقية من الفوسفات بـ 5.75 مليار طن، أي ما نسبته 9% من الاحتياطيات العالمية.
توجد في عكاشات محطة قطارات تربطها بالقائم وحديثة التي ترتبط بشبكة السكك الحديدة العراقية والتي كانت تستخدم لنقل الفوسفات من أماكن التنقيب ، السكة الحديدية تمتد على طول الطريق الشرقي نحو حديثة حيث حتى يصل نحو الجنوب إلى الخليج العربي وشمالاً نحو بيجي ونحو شمال العراق.
مناجم عكاشات تحتوي على منشأة لانتاج خام اليورانيوم المرتبطة مع موقع القائم ، ويمتلك العراق احتياطيات من خام اليورانيوم في مناجم في عكاشات على الحدود مع سوريا ما يزال قادراً على تنقية خام اليورانيوم.
فمن المعلوم ان العراق حتى منتصف ثمانينات القرن العشرين، أنتج ما لا يقل عن 164 طنا من الكعكة الصفراء، التي تم الحصول عليها في منجم عكاشات ومعالجتها في منطقة القائم، والموقع بنته الشركة السويسرية.
وقبل حرب الخليج الأولى عام 1991 كان العراق يصدر الفوسفات لدول شرق وشمال شرق آسيا ودول أوربية عدة، إلا أن يد الإهمال والإرهاب المتمثل بـ”الاحتلال الامريكي” ثم باجتياح تنظيم “داعش”، محافظة الأنبار، تسبب بتدمير البنى التحتية في المناجم، التي أسهمت شركات يوغسلافية في سبعينيات القرن الماضي بتطويرها آنذاك.
ان “الاستثمار في مثل هذه المناجم او المعامل الكبرى، يتم عن طريق الحكومة المركزية وشركة المسح الجيولوجي، ولا يسمح للحكومات المحلية الموافقة على الاستثمار من عدمه ولا حتى التعامل مع المستثمرين .
واخيرا وليس اخرا فأن “وزارة الصناعة والمعادن سعت جاهدة في سبيل تشغيل منشآت شركة الفوسفات، حتى أنها قامت بطرح مشروع تأهيلها بدلاً من الاستثمار، لتعود وارداتها على ميزانية الدولة، وتم إدراج المشروع ضمن الموازنة الاتحادية لسنة 2021، إلا أنها لم تتمكن من استحصال الموافقة على ذلك، بحجة عدم توفر المبالغ الكافية”، وقد ان الاوان لكي نناشد الحكومة لكي تعيد النظر باستغلال هذه الثروات الطبيعية بدلا من الوقوف موقف المتفرج وكان الامر لايعني احدا لا من قريب ولا من بعيد ، والخبراء يؤكدون نضوب النفط مستقبلا فاين المفر .
سامي حسن