الصباح الجديد ـ متابعة :
مرت البلاد خلال السنوات الاخيرة بظروف اقتصادية صعبة نتيجة تفاقم الاختلالات الهيكلية والازمة الصحية العالمية، وسبق للدولة ان عجزت عن تقديم موازنة 2020 واقرارها نتيجة انهيار اسعار النفط وتراجع الايرادات النفطية الى دون الربع في بعض الشهور. وتزامن ذلك مع تضخم النفقات الحكومية بشكل كبير، مما دفع الحكومة الى اقتراض قرابة (27) ترليون دينار لتامين التمويل اللازم للرواتب وبعض النفقات الضرورية.
بدء التعافي
وبدأ النمو الاقتصادي في البلاد بالتعافي تدريجيًا في أعقاب الانكماش الذي اصابه نتيجة جائحة كورونا خلال العام الماضي، ويعود ذلك جزئيا الى زيادة النشاط الاقتصادي غير النفطي. اما تعافي القطاع النفطي فقد كان له الاثر الابرز في تغيير مسار الاقتصاد العراقي، ومن المتوقع أن يؤدي التحسن في ظروف سوق النفط العالمية إلى تعزيز النمو الاقتصادي على المدى المتوسط وتحقيق فوائض مالية تسهم في تقليص الديون المتراكمة.
و أشار التقرير الى ان العراق يعد أحد أكثر البلدان المعتمدة على النفط في العالم، اذ شكلت عائدات النفط، خلال العقد الماضي، أكثر من (99%) من صادراته، وقرابة (85%) من ايرادات الموازنة العامة، وقرابة (42%) من الناتج المحلي الإجمالي، وهو اعتماد مفرط على النفط يعرض الاقتصاد العراقي لتقلبات الاقتصاد الكلي. وقد كان لتراجع الايرادات النفطية، نتيجة جائحة كورونا، تأثير كبير على الناتج المحلي الإجمالي عام 2020، والذي تقلص بنسبة (15.7%). كما ادى تراجع الايرادات النفطية إلى انخفاض كبير في النفقات العامة، وبالأخص الاستثمارية منها، مما زاد من انكماش الاقتصاد العراقي عام 2020.
وتطرق التقرير الى معدلات البطالة التي شهدها مطلع العام 2021 ارتفاعا ملحوظا فاق نسبة (10%)، مقارنة بما كانت عليه قبل جائحة كورونا. كما ارتفعت المخاوف المتعلقة بالأمن الغذائي رغم تزايد الأسر التي تتلقى المنافع الاجتماعية من الحكومة وفي مقدمتها رواتب شبكة الحماية الاجتماعية والحصص الغذائية من نظام البطاقة التموينية، فضلا عن الجهود التي بذلت من اجل توفير اللقاحات اللازمة لمنع تفشي فايروس كورونا.
ورغم تحسن الأوضاع الاقتصادية في العراق تدريجيا مع تعافي أسواق النفط الدولية، الا ان هذا الانتعاش محفوف بالمخاطر الرئيسية التي تشكلها المعوقات الهيكلية، ويشمل ذلك قيود إدارة الاستثمار العام التي أثرت على تقديم الخدمات العامة، والتسديد البطيء للديون المتأخرة وخاصة تلك المتعلقة بالأجور العامة وتحمل المصارف المملوكة للدولة والبنك المركزي العراقي أعباء الديون السيادية. اضافة الى هشاشة الوضع السياسي، وضعف نظام الرعاية الصحية، والفساد المالي والاداري والسياسي المستشري في مختلف مؤسسات الدولة.
الناتج المحلي..زيادة
وتشير احصاءات البنك الدولي الى نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة (0.9%) للنصف الاول من عام 2021، ونمو الاقتصاد غير النفطي بنسبة تزيد عن (21%) في النصف الأول من عام 2021. ويعود ذلك لقوة أداء قطاعات الخدمات بعد تخفيف القيود الصحية للوقاية من فيروس كورونا، خصوصا بعد انتشار حملات التطعيم وانخفاض الاصابات. كما زادت حصة العراق النفطية نتيجة رفع اوبك الحصص الانتاجية للدول الاعضاء تدريجيا مما انعكس على زيادة الناتج المحلي الاجمالي.
وبين التقرير ارتفاع معدل التضخم بشكل طفيف في العراق خلال المدة من كانون الثاني الى تموز 2021 وبقرابة (5.2%) و (6.3%) على التوالي، وذلك بسبب زيادة الطلب المحلي وعدم كفاية المعروض السلعي على تلبية كامل الطلب المتزايد. كما تأثر التضخم بانخفاض اسعار الواردات في بعض البلدان المصدرة التي تواجه تدهور في قيمة عملاتها المحلية.
وتُظهر البيانات المالية للنصف الأول من عام 2021 مكاسب مهمة في الايرادات المالية نتيجة ارتفاع معدل سعر برميل النفط العراقي المصدر الى قرابة (64) دولار. كما يعود تعافي الايرادات العامة الى خفيض قيمة العملة العراقية وارتفاع قيمة الدولارات المباعة الى البنك المركزي. اضافة الى ذلك، بدأت إصلاحات الهيئة العامة للكمارك والهيئة العامة للضرائب الواردة في قانون موازنة 2021 تؤتي ثمارها، حيث ارتفعت الايرادات السيادية عما كانت عليه سابقا بنسبة (53%). ويتوقع ان يتقلص عجز الموازنة بشكل كبير حتى نهاية عام 2021.
وعلى الصعيد الخارجي، تحول عجز الحساب الجاري إلى فائض بنسبة (4.7%) من الناتج المحلي الاجمالي في الربع الاول من عام 2021 مما أسهم في ارتفاع إجمالي الاحتياطيات الرسمية للبنك المركزي العراقي بنحو (5) مليار دولار أمريكي لتصل إلى (58.5) مليار دولار أمريكي في الربع الأول من عام 2021 مقارنة بـ (54) مليار دولار أمريكي في نهاية عام 2020
مع ذلك، وعلى الرغم من تحسن آفاق الاقتصاد العراقي وتعافي أسواق النفط العالمية، الا ان تداعيات متحور فيروس كورونا وتحديات تغير المناخ تشكل بواعث جديدة للمخاطر. ومن المتوقع أن يتعافى الاقتصاد تدريجياً على خلفية ارتفاع أسعار النفط وزيادة حصص إنتاج تحالف «اوبك+» التي من المقرر إلغاؤها تدريجياً عام 2022. وسيكون الناتج المحلي الإجمالي النفطي المحرك الرئيسي للنمو على المدى المتوسط. ورغم توقعات تحسن الناتج المحلي الاجمالي غير النفطي، لكنه سيبقى بمتوسط نمو أقل من (3%) خلال الاعوام (2021-2023) بسبب الاجيال المتحورة من جائحة كورونا اضافة الى التحديات التي يواجهها الاقتصاد العراقي وفي مقدمتها نقص المياه والطاقة الكهربائية والتي تؤثر على الزراعة والصناعة.
الانتهاء من تعويضات للكويت
الصباح الجديد ـ متابعة:
أتم العراق دفع كافة المبالغ التي أقرتها الأمم المتحدة كتعويضات للكويت عن الغزو العراقي إبان حكم الرئيس الأسبق ، ما دفع خبراء الاقتصاد إلى التفاؤل بشأن مستقبل الاقتصاد العراقي.
مع سداد آخر ديون العراق تجاه الكويت، يتوقع خبراء أن يتحسن اقتصاد البلاد في المستقبل القريب
وأعلن البنك المركزي العراقي طي واحد من أكثر الملفات استنزافاً لاقتصاد العراق، بعد أن تم دفع كافة التعويضات المالية التي أقرّتها الأمم المتحدة لصالح الكويت بسبب حرب الخليج، و البالغة 52.4 مليار دولار، وسط تفاؤل بانتعاش اقتصادي وانفتاح على الاستثمار العالمي.
وقال البنك في بيان (الخميس 23/12/2021) إنه “تم تسديد الدفعة الأخيرة المتبقية من تعويضات دولة الكويت، وقيمتها 44 مليون دولار، وبذلك يكون العراق، بعد أكثر من 31 عاما من غزوه الكويت، قد أتمّ سداد كامل مبلغ التعويضات التي أقرّتها لجنة الأمم المتحدة للتعويضات التابعة لمجلس الأمن الدولي، بموجب القرار 687 لعام 1991”.
وكان عام 1991 قد شهد تشكيل لجنة من الأمم المتحدة للتعويضات، وفق القرار الأممي رقم 705، ألزمت بغداد على إثره بدفع 52.4 مليار دولار للأفراد والشركات والمنظمات الحكومية وغيرها، ممن تكبدوا خسائر مباشرة ناجمة عن غزو واحتلال الكويت.
ويعتمد العراق في 98 بالمئة من إيراداته السنوية على تصدير النفط، وكان ما نسبته 30% من عائدات النفط العراقي يسلم للجنة الأممية على أن يبيع ما قيمته ملياري دولار كل ستة أشهر. وفي عام 1997 وفي إطار النفط مقابل الغذاء سمح مجلس الأمن للعراق برفع مبيعاته لتصبح 5.256 مليار دولار أمريكي تذهب 30% منها إلى الكويت.
وكان العراق قد توقف عن تسديد المدفوعات في عام 2014 في أثناء الحرب على تنظيم “داعش” الذي سيطر على ثلث البلاد، لكنه استأنفها عام 2018 باستقطاع 0.5% من قيمة كل برميل نفط يتم تصديره.
وفي عام 2019 ارتفعت نسبة الاستقطاع الى 1.5% لتسدد لصندوق الأمم المتحدة كتعويضات حرب. وفي عام 2020 أصبحت نسبة الاستقطاع 3%، شريطة أن ينتهي سداد التعويضات خلال 4 سنوات، بحسب ما نشرت شبكة الاقتصاديين العراقيين.
انتقادات للكويت والولايات المتحدة
إلى أين ستذهب الأموال؟
ويتوقع خبراء اقتصاديون انتعاشة قريبة للاقتصاد على إثر الانتهاء من سداد التعويضات، اذ قال مستشار رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية مظهر محمد صالح إن “ملف التعويضات كلف العراق الكثير من الناتج المحلي الإجمالي ومن مجهودات اقتصاده”، موضحاً، أن “هذا المبلغ ليس بالقليل، حيث إنه كافٍ لبناء منظومة شبكة كهرباء تنعش العراق لسنوات طويلة”، مضيفاً أن “هذه الحرب الطائشة تحمّلها شعب العراق، وإغلاق ملف تعويضات الكويت يعتبر صفحة جديدة في تاريخ العراق الاقتصادي”.
ويأمل اقتصاديون عراقيون في أن تذهب هذه الأموال التي كانت تستقطع من الموازنة العراقية إلى التنمية وخصوصاً المشروعات الاستثمارية التي تقوم بتشغيل القوى العاملة والمنتجة.
ويرى الخبير الاقتصادي باسم انطوان أن “إغلاق ملف تعويضات الكويت سيعيد الثقة بالعراق واستثماراته، إضافة إلى تحسين صورته وسمعته بين دول عدة وشركات لخدمة أبناء البلد، فضلاً عن ثقة المواطنين الأجانب في العراق”، لافتاً إلى أن “الخروج من البند السابع ستتبعه بعض الإجراءات، ولكن هي خطوة للأمام، وتبقى على جهود البنك المركزي في هذه العملية”، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء العراقية
وأوضح انطوان أن “قيمة مبلغ التعويضات ستستمر بعد إغلاق الملف ووضعه في صندوق سيادي، لنكون أسوة بباقي دول الخليج ويكون هذا الصندوق ذا نتائج مجزية”.