متابعة الصباح الجديد:
صدر عن دار الثقافة الجديدة كتاب “رحلة كامل التلمساني- السريالي في مواجهة الواقعي” لمحسن البلاسي، جاء في الكتاب: “في عام 1936 دخل كامل التلمساني كلية الطب البيطري ليرضي عائلته، وظل يحاول مرة تلو الأخرى أن ينجح فيها لكن بلا جدوى، بسبب شهوة نزعاته الفنية التمردية ضد نظام التعليم وأساليب التلقين الفوقية الجامدة، كما أن حمى الفن قد ضربت رأسه فجعلته لا يرى سوى الفن ملاذا للتفكيك والتمرد.
وفي العام 1936 نفسه، بدأ كامل التلمساني يكتب مقالات ويرسم رسومات مصاحبة لقصص كتاب مثل طه حسين وغيره في مجلة مجلتي، التي كان يملكها أحمد الصاوي محمد، وهو أول رئيس تحرير مصري لصحيفة مصرية، بالإضافة لامتلاك أحمد الصاوي محمد لدار نشر بنفس الاسم، وهي نفس الدار التي نشرت الكتاب المنبوذ لـ أنور كامل، ذلك الكتاب الذي أحدث ضجة في هذا الوقت. وهناك، عند أحمد الصاوي، تعرف أنور كامل بـ كامل التلمساني، فعرفه كامل بـ جورج حنين وكان حلقة الوصل بينهما. كان هذا التعارف الثلاثي بذرة من بذور تأسيس جماعة الفن والحرية فيما بعد.
مات الملك فؤاد العام 1936 وجاء الملك فاروق الشاب الصغير الذي درس في إنجلترا إلى الحكم، وأثار موجة من التفاؤل بين صفوف الشعب المصري في البداية. وما بين عامي 1936 – 1937 كون كامل التلمساني مع راتب صديق وسعد الخادم وكمال الملاخ وفتحي البكري وعلي الديب جماعة الشرقيين الجدد، وكان أغلب ناشطيها وأعضائها من تلاميذ المدرسة السعيدية، ووقعوا بيان الاستشراق الجديد أو إعلان الشرقيين الجدد، وكانت اتجاهاتها الفنية والأيدلوجية تدعو للحفاظ على روح الثقافة والتراث والموروث الشعبي في الفن التشكيلي، وتحويل الفن الشعبي إلى شكل حداثي.
وفي أول بيان صدر لجماعة الشرقيين الجدد بتوقيع كامل التلمساني في يناير 1937، قال: “إن الحساسية الشرقية هي غطاؤنا”، ولكنه كتب أيضا في نفس البيان: “إن كان لجماعة “الشرقيين الجدد” حقا، فإنه يحمل في طياته ذلك الاعتراف الواضح المهذب بأحقية خروجه مع جماعته من ثنايا جعبة الفنانين الأجانب، تلك الجعبة التي نتحفظ على مراميها، وإن كنا لا نتجاهل – بالحق والإنصاف – وجهها الآخر الجواني في حركة التعبير الفني بصورة مستقلة للغاية“.