سامر المعاني
هي أحداث ترسمها الحروف على مائدة الحاضر تذكرنا دوما بألوان الحزن المشبع بالفقد والوجع في هذا الشرق الذي فقد كل جيناته إلا القتل والنزف والاستقواء فتتوه كل ابجديات السلام حيث يصيح الوطن طالبا النجاة فلا تسمعه غير اصداء قلوب اتعبها نزف الجهل والتعصب والتفرقة .
في ما يقارب مئة قصة كتب “علي السباعي” لوحاته التي رسمها بحرفية عالية وهو القاص القادر على ان يحيط بكل مقومات وعناصر بناء القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا وهو ابن الفرات الذي يسكنه العراق في كل تفاصيله وتجلياته فلن تجتهد كثيرا حتى تدرك بأن كل هذا الكم والنوع عنوانه العراق .
ليس من السهل كتابة القصة القصيرة جدا ذات المحور الأوحد والمباغتة والدهشة التي تترك مساحات واسعة للنهاية المفتوحة والتأويل والمجازات العميقة .
التنوع الواضح في الأسلوب القصصي عند السباعي يشير الى قاص نهم المطالعة كثيف المعرفة واسع الثقافة وهو ينتقل بقصصه وعناوينه متناولا مواضيع اجتماعية ووطنية وتاريخية وسياسية ودينية بين الواقعية والتأملية والوجدانية .
يتضح جليا بأن المجموعة القصصية من ذات المسار الواحد وهذا ما يعرف بالقصة القصيرة جدا. تميزها الدهشة واقتناص الأفكار الجديدة والنهايات المفتوحة غير الحتمية والتقليدية كما تميزها عند السباعي اقتناء المفردات ذات المدلولات المعبرة والتي تشير الى بناء الجملة او النص بين الفصيح او العامية على لسان الأبطال في بعض القصص هذا وقد حرص السباعي على نسق ثابت شيق ورشيق .
وفي نطاق المحتوى والمضمون نجد السباعي متنوعا في طرحه فلا يقيم وزنا للأيديولوجيا والطائفية ميزانا في نظرياته كمثقف وابنا بارا بوطنه وتاريخه وإرثه العريق والعظيم الذي كان له ارشيفا جغرافيا وتاريخيا واجتماعيا وسياسيا رغم الجوع والفقر والفقد والأوضاع التي جبلت العباد والبلاد بألف آه وآه فقد تجسد وشخص الوضع الراهن في البلاد، وما أصابها بحلول غيم الحزن على صبابتها من حصار وحروب ومؤامرات فكان الإنسان العامل والباحث والجندي والضابط احيانا وأحيانا اخرى كان مشيرا للأم والأرملة والمرأة المتعبة وهو ابن الشعب الكادح الذي يوجعه أنين الحياة في بلاد انهكتها الويلات .
فجر الحياة ربما يلهث لتبزغ الشمس ولكنها لا تنطفئ فيبقى الأمل في قلب العراق وهو قلب السباعي في مجموعته . فحلم بغد اجمل وسمر بعبق الياسمين يغازل جميلات مسحت على جبين الحب والعشق ليولد الحلم وينفض عن الأيام كل غبار الوجع .
هكذا يسافر السباعي في رحلاته الإبداعية قاصا عربيا يحترف ابجديات السرد وخاصة ق ق ج التي اجاد فن حياكتها بفنية وتقنية عالية اصدر فيها مجموعات عديدة ومتتالية ليصبح قاصا عربيا له ما يميزه ويجعله من اجود الأقلام وأنضجها فكريا واسلوبا.
*كتاب من الاردن