سيدة الصباحات الجميلة
متابعة الصباح الجديد :
لم تترك السيدة فيروز محنة إلا وكان صوتها صلاة للناس وأوجاعهم في الحروب والمعاناة ولكنها هذه المرة اختارت أن ترفع صلاتها عبر قراءة شفهية في الإنجيل المقدس.
وفي إطلالة مصورة تلت المغنية اللبنانية فيروز من الكتاب المقدس صلاتها قائلة ”يا رب لماذا تقف بعيدا، لماذا تختفي في أزمنة الضيق. لكلماتي اصغ يا رب، تأمل صراخي، استمع لصوت دعائي يا ملكي والهي لاني إليك أصلي، أوجه صلاتي نحوك وانتظر“.
وقد تم بث مقطع الصلاة يوم الجمعة على قناة فيروز على يوتيوب.
وبدت فيروز في الفيديو المصور جالسة على أريكة في منزلها الكائن في أنطلياس شرق العاصمة بيروت وتحيط بها صور أولادها وزوجها الفنان الراحل عاصي الرحباني المرفوعة على طاولة قريبة وتحمل في يديها كتابا يتضمن مقاطع من مزامير داوود الواردة في انجيل العهد القديم.
وقالت فيروز في صلاتها مخاطبة الخالق ”أنت تخلّص الشعب البائس، انت تضيء سراجي، الرب الهي ينير ظلمتي، لولا ان الرب معيني، لسكنت نفسي سريعا أرض السكوت“.
وفي صفحة أخرى تقول ”عند المساء يبيت البكاء وفي الصباح ترنّم، وأنا قلت في طمأنينتي لا أتزعزع الى الأبد ، ثابت قلبي يا الله، أغني وأرنّم ،اعطنا عوناً في الضيق“.
وفي زمن الحجر الصحي والمعاناة من وباء كورونا وجهت الدعوة إلى شعوب الأرض مستندة فيها الى الإنجيل لاستحضار إيمانهم بالله وقالت ”توكلوا عليه في كل حين يا قوم، اسكبوا قدامه قلوبكم، الله ملجأ لنا“.
وفيما لم يتضمن الفيديو أي إشارة موسيقية فإن صوت فيروز كان رفيقا للمواطنيين في لبنان وعدد من الدول العربية التي استخدمت أغنيتها (خليك بالبيت) كشعار للوقاية والتزام المنازل في زمن انتشار وباء كورونا.
فيروز والأوطان
فيروز تعد الوحيدة الباقية من جيل الكبار في الغناء العربي موقف سياسي واضح منذ بداياتها حيث ترفض الحديث في السياسة، في حين تحرص على تقديم الأغنيات الوطنية وترفض الغناء للرؤساء والملوك أو تكوين علاقات شخصية معهم، وهو الأمر الذي كان سببا في غيابها تماما عن مصر منذ نحو ربع قرن برغم الكثير من المحاولات للتعاقد معها على إحياء حفل غنائي في مصر.
وتضم قائمة أغاني فيروز الأكثر شهرة رقما يستعصي على الحصر، حيث تبدو كل أغنياتها شهيرة وبينها على سبيل المثال “جارة الوادي” التي باتت لقبا لها، و”باكتب اسمك يا حبيبي” و”سهر الليالي” و”أنا لحبيبي” و”نسم علينا الهوى” و”القدس” و”حبيتك تنسيت النوم” و”سألوني الناس” و”سألتك حبيبي” و”أعطني الناي وغني” و”كيفك أنت” وغيرها الكثير.
وقدمت المطربة الملقبة بـ”جارة القمر” و”جارة القدس” على مدار مسيرتها الفنية 15 عملا مسرحيا غنائيا كان أولها “جسر القمر” عام 1962، وبين أشهرها “بياع الخواتم” و”هالة والملك” و”يعيش يعيش” و”صح النوم”.
كما قدمت ثلاثة أفلام سينمائية هي “بياع الخواتم” إنتاج 1965، و”سفر برلك” إنتاج 1967، و”بنت الحارس” إنتاج 1968، وقدمت برنامجا تلفزيونيا غنائيا بعنوان “الإسوارة” عام 1963.
تلك السيدة الراقية في إنسانيتها وفنها، لم ترتد منذ نصف قرن سوى صوتها، وفي سنوات صمتها تتركنا للبرد إلا من أغنيات قديمة تدفئنا كأنها تغني لتكسونا ويغني الآخرون ليكتسوا بمالها، على حد قول الروائية أحلام مستغانمي.