احلام يوسف
يعيش العالم بأسره في ظرف استثنائي، حيث توحد بأكمله ضد عدو واحد “كورونا” وكل منهم يحاول الفوز بسباق العثور على لقاح للقضاء عليه.
من بين الاجراءات التي اتخذتها دول العالم للحد من انتشار الفيروس، الحجر المنزلي الاجباري والاختياري، الذي تحول بالنسبة للكثير كابوسا، خاصة من يعمل باجر يومي، لكن هناك من استسلم للأمر حرصا منه على نفسه وعائلته، املا بالخلاص، فاستثمر وجوده في البيت للقيام بأمور مفيدة ولتعلم امور اخرى يجهلها.
من بين هؤلاء اسماء محمد علي “موظفة” اذ قالت: انا اعشق الرسم، لكني كنت اعجز عن ايجاد وقت لممارسة هوايتي، فما بين العمل خارج البيت والعودة للبدء بإنجاز اعمال البيت من تنظيف الى طبخ الى مساعدة الاولاد في اداء واجباتهم المدرسية او امتحاناتهم، لم اكن اجد وقتا كافيا للاسترخاء، لكني اليوم استثمرت الحجر المنزلي بأفضل صورة وانجزت لوحتين، ونالت اعجاب عائلتي والتقطت لهما صورا ونشرتها على حسابي في الفيس بوك واشاد بها كل الاصدقاء.
علي الجبوري “تاجر في اسواق الشورجة” يقول: بصراحة شديدة انا مقصر تماما مع زوجتي وعائلتي، وهذه الفترة شعرت بكم التعب والمجهود الذي تبذله زوجتي لإتمام عملها في البيت، كنت اغادر البيت منذ الصباح الباكر وعند عودتي اول ما اقوم به، النوم، ثم الخروج مع الاصدقاء والعودة ليلا. هذه الايام ادركت ان الزوجة مجاهدة، واعني من تقوم بواجبها على اكمل وجه، لذا فقد طلبت منها مساعدتها في المطبخ، وعلمتني بعض الاكلات، وخلال ايام معدودة قمت بالفعل ولأول مرة في حياتي بطبخ الرز، وايضا مرقة الباذنجان. انا سعيد بالفعل بهذا التجديد، مع املي بعودة الحياة الى طبيعتها. تغير شيء ما بداخلي، لذلك فانا متأكد ان الحياة ستكون افضل بعد القضاء على “كورونا”، ليس فقط لكونه خطيرا بل لاني تغيرت بالفعل نحو الاحسن.
عادل محمود الكردي “صاحب اسواق مواد غذائية” ذكر انه ملتزم بموضوع الحجر المنزلي خاصة وان الاسواق جزء من بيته، فلا يحتاج الى الخروج من البيت واضاف: “افتح المحل صباحا واغلقه بحدود الساعة الواحدة ظهرا، وقمت بأخبار اغلب ابناء المنطقة، كي يشتروا ما يلزمهم في هذا الوقت، ويلزموا بيوتهم فيما بعد. الان اصبح لدي وقت اكبر لأقضية مع عائلتي، واستثمرت دراستي للغة الانجليزية، “بكالوريوس آداب انجليزي”، فبدأت امارس دور المعلم مع ابنائي، لأول مرة افكر بموضوع تدريسهم اللغة الانجليزية، كنت اكتفي بلومهم في حال حصلوا على درجات متدنية. اشعر براحة اليوم لأني تقربت اكثر من ابنائي، وصرت امارس دوري كأب بصورة افضل. لا ادري، احيانا اشعر بالامتنان لما حصل، برغم انه ظرف مرعب، ومؤذ، لكنه بالنسبة لي فرصة لاكتشاف نفسي من جديد.
الحجر المنزلي الذي علينا جميعا الالتزام به، قد يكون اضر بالعديد من الكسبة، لكنه فرصة لاعادة برمجة حياتنا، ولاكتشاف اعماقنا بصورة اوضح. كورونا اجبرنا على اعادة التفكير بما نحن عليه، وبما فعلناه بأمنا الأرض.