-1-
شموسُ العلم والعلماء في الاسلام منيرةٌ تغطي باشعاعهاكل الارجاء …
ويكفينا في المقام الاستشهاد بقوله تعالى :
( شَهد الله أنّه لا اله الاّ هو والملائكةُ وأُولوا العلم ) حيث جعل شهادتهم بعد شهادته وشهادة الملائكة … وهذه مكانة عظيمة للغاية .
-2-
وللفقهاء خاصة ريادة ورياسة يتبؤون بها المرجعية الدينية العليا ، فينشد اليهم الملايين من الأتباع ولا يعملون الاّ برأيهم وطبق فتاواهم .
-3-
والمرجعية الدينية العليا مقام ديني مقدّس ،حيث انها تمثّل النيابة العامة عن الامام الثاني عشر من ائمة اهل البيت (عليهم السلام) وهو الامام محمد بن الحسن المهدي (ع) وهو خاتم الأوصياء الذي أعدّه الله تعالى ليملأ به الارض قسطاً وعدلاً بعد أنْ مُلئت ظلما وجوراً ، وهو ينتظر الاذن الرباني له بالظهور، نسأله تعالى أنْ يعّجل له النصر وأنْ يجعلنا من اتباعه وانصاره، ولكي لا تبقى الأمة في ضياع وحيرة نُصِبَ الفقهاء العدول الأمناء على حلال الله وحرامه نوّابا عنه، وبمقدور الناس الرجوع اليهم، والعمل بمقتضى فتاواهم، وهذا ما جرت عليه العادة في أوساط الامامية منذ عهد بعيد .
-4-
وهناك من يبلغ به الحقد والدناءة حدّاً يدفع به الى محاولة النيل من العلماء وإحراجهم في اصطناع قضايا معنيّة، لا يريد بذلك الاّ قلب الصورة ، وتشويش الخواطر، والانتقاص منهم باي ثمن .
ان هذه المحاولات الدنيئة قديمة جديدة ، ولكنها تبوء غالباً بالفشل والهزيمة ، لأنها لا تصدر الاّ عن نيّة خبيثة وقصد سيء ولا بد ان يهزم الباطل في نهاية المطاف .
-5-
ومن جميل ما قرأتُ في هذا الباب قصة جرت وقائعها مع الامام الشيخ جعفر كاشف الغطاء، المرجع الديني الاعلى في عصره ( ت 1227 هـ) حين دعاه أحد الولاة ممن كان يُبطن العداء ويُظهر الولاء الى مأدبةٍ قدّم له فيها ألوانا من اللحوم . ثم قال له :
انّكَ قد أكلتَ الحرام هذا اليوم، لأنَّ هذا اللحم مغتصبٌ ومأخوذ من صاحبه بالقوة ، وبحسب فتواك فهو حرام ..!!
فلم يكترث الشيخ لكلام الوالي وقال له :
عليّ بصاحب اللحم
فقال الوالي :
انه في السجن الآن
واستُدعي الرجل من السجن، فلما حضر أمام الشيخ انكشف بانه كان قد سمع بقدوم عالم كبير الى البلد، وأراد ان يقدّم له هدية تعبيراً عن حبه وولائه، فساق بعض أغنامه وسار بقصد المثول بين يديْ هذا العالم الكبير ، وفي الطريق واجهتْهُ الشرطة وأخذتْ منه ماكان معه، وحين عارضهم زجّوا به في السجن ، وهنا قال الشيخ للوالي :
انتَ الذي أكلتَ الحرام ..!!
فهذه اللحوم مهداةٌ اليّ وقد اغتصبتموها من الرجل .
فأفحم الوالي واضطر الى الاعتذار من صاحب الأغنام وعرّفه بشخصية الضيف الكبير ..
-5-
وختاماً نقول :
ان دعاة فصل الدين عن السياسة هم بأنفسهم يطالبون المرجعية الدينية العليا بالتدخل لحسم المشكلات الراهنة ..!!
وهم الذين ينتظرون خطبتها يوم الجمعة ، وهم الذين يرون انّ خارطة الطريق قد رسمتها المرجعية الدينية العليا دون غيرها ..!!
حسين الصدر