«نت بلوكس»: 1.35 مليار دولار خسائر قطع الإنترنت على الاقتصاد العراقي
متابعة ـ الصباح الجديد:
توقع خبراء ومراقبون أن تؤدي المشكلات الاقتصادية المستقبلية والإجراءات الإرضائية المتبعة من قبل الحكومة لتهدئة المحتجين، الى الزيادة الكبيرة في الإنفاق وستظهر كارثتها في موازنة سنة 2020.
ويشهد العراق منذ 25 تشرين الأول المنصرم مظاهرات تُجابه بقمع وتسويف بالوعود، وقد خلفت خسائر مادية، مما ضاعف حالة الانهيار الاقتصادي الذي يعد سببا رئيساً للاحتجاجات.
وبرغم تشابه الآراء إزاء مشروعية المظاهرات المطالبة بمحاربة الفساد وتحسين الظروف المعاشية من جانب جميع الأطراف، كما صرح بشير حداد نائب رئيس البرلمان، فإن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي رمى باللائمة في الخسائر المالية -التي وصلت إلى ستة مليارات دولار في مختلف القطاعات خلال تشرين الأول وحده- على المتظاهرين، وهو ما ينفيه الخبير الاقتصادي همام الشماع الذي يعزو السبب إلى حلول الحكومة التي وصفها بالإرضائية بدل الإصلاحية، كترقيع لتهدئة الاحتجاجات وتكميم أفواه المحتجين.
وبحسب قول الشماع، فإن هناك تأثيرا مباشرا عكسته الاحتجاجات الجارية في البلاد ناجم عن إجراءات الدولة في مواجهة المظاهرات والمتمثلة بقطع شبكة الإنترنت، إلا أن الشماع لا يعد مردود القطع سلبيا جدا، عازيا السبب إلى كون العراق دولة غير إلكترونية ولذا فالضرر بذاته محدود نسبيا، ومما يزيد ضآلته بعض الإجراءات الحكومية التي حدت من الخسائر لدرجة كبيرة.
وقدرت شركة «نت بلوكس» خسائر قطع الإنترنت على الاقتصاد العراقي بمليار و358 مليون دولار خلال الشهر الماضي، وهو ما يمثل ما يقرب من نصف الناتج الإجمالي للبلاد.
ويذهب حداد لتأييد رأي الشماع في أن أعمال القمع ضد المظاهرات ضاعفت من تعطيل المنشآت العامة والخاصة، وهو ما أثر على الأداء الاقتصادي للحكومة بصورة عامة، والأمور لا تبدو معقدة في الوقت الحالي، لكنها -بتصاعد القمع- قد تجر إلى منزلق اقتصادي أكبر إن لم تتخذ الحكومة إجراءات صحيحة حقيقية عاجلة.
والمشكلات الاقتصادية المستقبلية مرتقبة ومتوقعة على حد قول الشماع، ويرجع السبب إلى الإجراءات الإرضائية المتبعة من قبل الحكومة لتهدئة المحتجين، والتي ستذهب نحو الزيادة الكبيرة في الإنفاق وستظهر كارثتها في موازنة سنة 2020. ويواصل الشماع حديثه بالقول إن تلبية مطالب المتظاهرين هي التأثير الحقيقي على الاقتصاد، فنحن نتحدث عن زيادة غير مسبوقة في أعداد الموظفين والمتقاعدين، وعن الطامة الكبرى إذا ما حدثت وهي صرف رواتب للعاطلين عن العمل، فالمنحة ستشمل قرابة مليون شخص وهو ما سيرهق الاقتصاد أكثر.
ووافق حداد على ذلك بالقول إن الحكومة مضطرة لتعويض الخسائر الحاصلة بسبب المظاهرات والتي سيتحملها الجانب الاستثماري في الموازنة القادمة عبر أداء عموم المشاريع، ولا سيما البنى التحتية مما يؤدي لعجز غير مسبوق في الموازنة.
ولم يذهب النائب في البرلمان ظافر العاني بعيدا عما أبداه الشماع وحداد، مؤكدا أن معظم الشركات الاستثمارية التي دخلت العمل في العراق مؤخرا – وخاصة النفطية منها- ستبدأ إعادة حساباتها من جديد وقد تغادر ساحة العمل، وهي فقرة تضاف للتدهور المستقبلي المرتقب للاقتصاد.
ويتفق كل المختصين على أن تقليل النفقات هو المخرج الوحيد للأزمات الاقتصادية، وهو ما ذهب إليه الشماع معتبرا تقليص النفقات حماية من نكبة اقتصادية باتت وشيكة من الخزينة العراقية، متطرقا لأبرز الحلول العملية.
وأشار إلى ضرورة إلغاء امتيازات كبار الموظفين خاصة في الرئاسات الثلاث، وتجميد الحمايات المتفاوتة بين 100-200 شخص لكل وزير وبرلماني حالي أو سابق، مع أسطول من السيارات بنفقاتها وضرورة تقليص إيفادات المديرين العامين.
وإلى جانب كل هذه التعديلات، يؤكد الشماع أن الاستنزاف الأكبر للميزانية هو في ما يُعرف بـ»الموظفين الفضائيين» (مجرد أسماء وهمية تصرف لها رواتب)، بمعنى أكثر من مليون راتب تذهب جميعها للمسؤولين. وأكد أن الحكومة العراقية ترفض إيداع الرواتب مصرفيا لأن هذا الإجراء سيفضحها، وهو السبب ذاته الذي يدفع إلى عدم الرغبة في إجراء حكومة إلكترونية لأنها ستكشف أعداد الوهميين ومن يقف وراءهم ولمن تذهب أموالهم.
ويختتم بالقول إن العراق سيشهد عجزا مخيفا في الموازنات القادمة بسبب محاولة المسؤولين المحافظة على مناصبهم. وقال المستشار القانوني محمد العامري، إن الحكومة تعاقب المتظاهرين على وفق المادة 197 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، والتي تنص على الإعدام أو السجن المؤبد لكل من هدم أو أضر إضرارا بليغا بالمباني أو الأملاك العامة.
ويضيف العامري أن الحكومة تفرض هذه العقوبة المشددة على المتظاهرين لأنهم يضرون بالاقتصاد العراقي جراء هذا التخريب، بينما من باب أولى أن تعاقب الحكومة أعضاءها لأنها أهدرت المليارات نتيجة قرارات خاطئة.
ويواصل العامري حديثه بالقول إن كانت الحكومة حريصة على أموال الشعب وتفعيل القانون فعليها معاقبة نفسها قبل معاقبة المواطنين بتعريضها العديد من الشركات المحلية لخسائر مالية تقدر بملايين الدولارات، ويؤكد أن باستطاعة الشركات المتضررة رفع دعاوى مدنية ضد رئيس الوزراء وأخذ حقوقها كاملة في ظل القانون.