نامق عبد ذيب
الإلهة الغائبةُ
لا تظهرُ إلا كلَّ ألفِ عام
تحجبها الخضرةُ فيظهرُ سندسُها هناكَ
حيثُ سماؤُها لازوَرْد ونجومُها فيروز
وملائكتُها عشاق يكتبون غرامَهم على الألواح
يمنحون حبيباتِهم المجرّات
ويصبغونَ كفوفهنَّ بالشفق
ويعوِّذونهنَّ بالبهجةِ
لم يرَها أحدٌ غير إنهم كلَّ يومٍ حين يستيقظون
يجدون شموسَهم مبللةً بالأحلام
صاحبةُ الجلالةِ الغائبةُ عن الفراتِ
أودعتْهُ السماءَ فباح بزرقتها
وأسرّتْ له بالنجوى فثرثر بالشجر
وأقام مئذنتينِ
واحدةً للصدى
وأخرى للطيورِ المهاجرة
تعرفها الجَلالاتُ فتنحني لها
وتمطرُ على القداساتِ طُهرَها
تقولُها السّوَرُ فتشهقُ بالآياتِ
صاحبةُ الجلالةِ المختفيةُ خلفَ الشغاف
القلبُ ينبضُها فتبتلُّ العروق
وتجري السواقي بما رزق الله من فضةٍ ذائبة
وما قسمَ الجمالُ من شجرٍ
وما أخذ المدى من بصر
عيناها جنتان مُدهامّتان
ويداها منارتان
مُعلِّمةُ الوردِ كيف يتورّد
ودليلةُ الموجة كيف تموج
مهندسة الأنهار
وناثرة القرى
تستيقظ من النوم كحلمٍ تائه
ولكنها حين تدعو الآلهةَ للينابيع البعيدة يسجدون
ترمِّمُ الحياة
وتُقيلُ الفراتَ من عثرته
وتقيمُ المُدن
.
.
صاحبة الجلالة