كذبة نيسان !

مع إطلالة الأول من شهر نيسان “أبريل” من كل عام يقع الكثير من الناس ضحية مطبات ومواقف مضحكة ومحرجة وقد تكون محزنة سواء من قبل أفراد العائلة أو الأصدقاء أو الزملاء أو من قبل وسائل الإعلام أو بعض الشركات التي تحاول الترويج لمنتجاتها !
“كذبة نيسان” .. من التقاليد المفرحة التي تمارسها شعوب الأرض مع قدوم الأول من شهر الربيع.. البعض يطلق عليه يوم “الكذب” الأبيض.. أو “الكذب” البريء..ففي هذا اليوم يتوخى الكثير من الناس الحيطة والحذر خشية الوقوع في براثن “المقالب” التي قد يدبّرها بعض الخبثاء !
باحثون أرجعوا كذبة نيسان إلى قصة بطلتها إحدى ملكات بابل وكانت تسمى «أبريل» كتبت على الباب السري لمقبرتها عبارة تقول “من كان محتاجاً وفتح هذا الباب سيجد ثروة تكفيه وسلالته أبد الدهر..!” فكان كل من يدخل المقبرة ويجازف في الوصول الى الكنز المزعوم بعد عناء طويل.. يفاجأ بعبارة مكتوبة على أحد أبواب دهاليز المقبرة المظلمة.. تقول: “ها أنت قد وصلت أيها الجشع إلى نهاية الطريق.. فعد من حيث أتيت بالحسرة والندم” !
من كان يقع في هذا المطب يخرج محبطاً من المقبرة وهو يصرخ ويهذي كالمجنون “كذبة أبريل، كذبة أبريل”!
حكايات وقصص كثيرة عن أصل هذه “الكذبة” بعضهم يقول إنها هندية وهناك من يقول إنها فرنسية ومنهم من يقول إنكَليزية.. أما البعض الآخر فيُرجع أصلها إلى اليونانيين الذين خصصوا اليوم الأول من “أبريل” لإقامة احتفالات ضخمة لآلهة الحب والجمال والربيع.. وسط أجواء من الضحك والفرح والسعادة والمقالب الطريفة.
من أشهر أكاذيب نيسان “أبريل” أن “كارول” ملك رومانيا كان يزور أحد متاحف عاصمة بلاده في أول أبريل فسبقه فنان تشكيلي مشهور ورسم على أرضية إحدى قاعات المتحف ورقة مالية أثرية من فئة كبيرة.. فلما رآها الملك معتقداً انها اصلية..فأمر أحد حراسه بالتقاطها.. انحنى الحارس الى الأرض محاولا التقاط الورقة المالية الأثرية..لكن دون جدوى ولم يحصل على شيء وضحك الجميع على هذا المقلب المثير.. وفي العام الذي يليه وفي القاعة ذاتها رسم هذا الفنان على أرضية المتحف صوراً لسجائر مشتعلة مظهراً براعته وموهبته الفنية وتكنيكه الدقيق ، جلس يراقب الزائرين وهم يهرعون لالتقاط السجائر”الوهمية “قبل أن تُشعل النار في أرضية المتحف الخشبية !
ظاهرة الكذب أصبحت تقليداً سنوياً يمارسه بعض الناس في دول العالم في هذا اليوم الربيعي فقط ، في مقابل ذلك .. فأن المجتمعات “الربيعية ” تحديداُ .. تقع ضحية .. البعض ممن يمارسونعليها “الكذب” طيلة أيام السنة !
كلما استمعت أو شاهدت التقارير الإخبارية لبعض الفضائيات العربية والأجنبية وحتى”المحسوبة” على الهوية العراقية… أتذكر الحوار الغناني أو “الدويتو” الريفي الجميل العذب بين الفنان الراحل داخل حسن والمطربة بنت الريف ، فقد كان بلبل الريف داخل حسن يقول لرفيقته: “لو رايد عشرتي وياك.. حجي الجذب لا تطريه” !
ترد عليه بنت الريف منشدة: “أدور على الصدك ياناس.. ضاع وبعد وين الكَاه ” !
وسط هذا الكم الكبير من وسائل الإعلام والصحافة والفضائيات والمواقع الالكترونية.. التي تمارس بعضها “الكذب” علناً في كل دقيقة وثانية.. مع سبق الإصرار والترصد.. فإن هذاً يضيف هماً جديداً الى الهم الوطني لا يقلّخطورة عن التصريحات العشوائية !
وسائل الإعلام.. وبعض المحسوبين على الطبقة السياسية.. لا تعترف بالكذب الأبيض أو البريءوالأكتفاء بممارسته في هذا اليوم “النسياني” فقط ، وإنما تعشق ممارسة “الكذب الأسود” و”المشين” بحق المساكين والضحايا على مدار الأيام والشهور والأعوام !
في دول العالم الأخرى يحتفل الناس بهذا اليوم ويخصصونه للضحك والسخرية والمرح والفرح، أما عندنا فإن “المصابين” بأمراض مزمنة في عقولهم وقلوبهم السوداء.. فإنهم يمارسونه ضدنا لإشاعة القتل والحزن واليأس والاحباط والقنوط !

• ضوء
عندما يتوقف بعض السياسيين عن ممارسة ” الكذب”.. يكون للحياة طعم آخر !

عاصم جهاد

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة