حذام يوسف
كما يحدث غالبا.. مع شخصيات أدبية وعلمية وفنية تغادرنا، اجتمع العراقيون على محبة الشاعر عريان السيد خلف، في حياته وبعد مغادرته هذا العالم، الجميع ادباء ومثقفون وسياسيون، الجميع أرسل برقيات تعاز للعراقيين لوفاة الشاعر السيد خلف، اذ قدمت السفارة الاميركية في العراق يوم الخميس، تعزية الى الشعب العراقي، وقالت في بيان لها انها «تتقدم بأحر التعازي الى الشعب العراقي والى أسرة الشاعر العراقي الراحل عريان السيد خلف».
حتى شعراء العمود والمعروف انهم لا يميلون للشعراء الشعبيين، لكنهم فجعوا أيضا بخبر وفاة الشاعر عريان السيد خلف، وامتلأت صفحات التواصل الاجتماعي ببرقيات التعزية وبقصائده، التي لم يترك موضوعا إنسانيا الا ونظم فيه، وبصدق وصل الى قلوب العراقيين، ليجتمعوا على محبته، ويقيموا مجالس العزاء إضافة الى مجلس العزاء الخاص بعائلته، ففي قضاء (قلعة سكر) شمالي محافظة ذي قار، وهي مسقط رأس الشاعر الراحل، اقام أبناؤها مجلسا للعزاء استقبلوا فيه المعزين من شعراء ومثقفين، من محافظة ذي قار ومن المدن القريبة منها، وفي النجف كان تشييع الشاعر رسميا مهيبا، في مشهد مؤثر جدا، حيث انشد المشيعون النشيد الوطني العراقي، وهم يحملون العلم العراقي ويلوحون به في إشارة الى ان الشاعر ابن العراق جميعا.
مجالس العزاء التي توزعت في أكثر من مدينة عراقية، لم تكن مجرد مجالس عزاء بل كانت احتفاء بالشعر الذي لم ولن يغادر محبيه ومتابعيه، ففي أكثر من مجلس بل حتى في ساعة تشييعه كانت هناك حناجر محبة تصدح بحماس لتعلن ان الشاعر عريان السيد خلف هو شاعر الشعب، منهم الشاعر الكبير ناظم السماوي، والأستاذ مفيد الجزائري وغيرهم من الادباء والمثقفين اللذين كانوا يتسابقون لنعي الشاعر بطريقة تليق بالراحل، ومن المفارقات ان مجالس العزاء لم يشارك بها أي من الشخصيات الرسمية في الدولة، وكأن الامر لا يعنيهم، ولا يمثلهم، وفي هذا ادانة أخرى لسلسلة اداناتهم بالتقصير في مهامهم الإنسانية والوطنية، مع مطالبة من الادباء والمثقفين بتسمية شارع باسمه وهو يستحق كل تقدير واستذكار، لأنه لم يكن شاعرا شعبيا فحسب بل كان علما من أعلام الادب العراقي الملتزم وتشهد له قصائده الوطنية.
الرحمة والخلود لك يا أبا خلدون وقد كنت قريبا حد الدمع من العراقيين، وسيبقى خالدا بقصائده، وحكاياته التي اثرت على المنصات، وقريبا ستكون الاعمال الشعرية الكاملة بين ايدي محبيه وأصدقائه، وستصدر عن دار سطور التي اتفقت على انجاز هذا الكتاب وكان من المفترض ان يتم توقيع العقد في يوم فقده، الأربعاء للمباشرة بطبعه، الا ان القدر كان له اسرع للأسف، الرحمة له ولنا.