الحلاج .. البطل الداعي الى التغيير

قبل أيام اطلعت على منشور في مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك)، للكاتب شوقي عبد الأمير وكان في زيارة لمرقد الشيخ منصور الحلاج، وبقدر ما أسعدني زيارة الأستاذ عبد الأمير لهذا المكان بقدر دهشتي من اهمال الاعلام لهذا الاسم الكبير في سماء الادب والفكر والفلسفة، فلم يجر ذكره في أي مناسبة ثقافية ومجتمعية، مع انه شخصية تستحق منا البحث والاشارة لاشتغاله في أكثر من مجال أدبي.
ولمن لا يعرفه من قرائنا الأعزاء ومتابعينا على ثقافية الصباح الجديد، فهو أبو عبد الله او أبو الغيث الحسين بن منصور الحلاج (858 -26 مارس، 922) (244 هـ 309 هـ) من أعلام التصوف، ومن أهل البيضاء وهي بلده قرب واسط الواقعة على بعد 180 كم جنوب العاصمة بغداد، الحلاج ولد في منتصف القرن الثالث الهجري ونشأ بالعراق، وقُتل في سنة ثلاثمائة وتسعة هجرية، وفي سنٍ مبكرة جدًا، وهو بعد غلامٌ في السادسة عشرة من عمره، اتصل بالصوفية، ولبس حرفتهم، وتتلمذ على ايدي أعلامهم كالجنيد، وسهل التستري وغيرهم، ثم أصبح له هو نفسه مع مرور الأيام مريدون كثيرون، كان يعبر عنهم في قصائد بقوله: “أصحابي وخلاني”.
ولكن حال الحلاج لم يعجب اعلام الصوفية آنذاك، لأنه كان يجاهر بما يفكر به ويعبر عنه بوضوح، بينما هم لجأوا الى عدم البوح بما يفكرون به ويبحثون عنه، واختاروا العزلة على الاختلاط بالناس، فنشأ خلاف بينهم، في الوقت الذي كان الحلاج يتنقل بين الناس ويتحاور معهم في أمور عدة، عبر احاديث واضحة ومباشرة، وهو يتنقل بينهم داخل الأسواق والأماكن المزدحمة، واحيانا يختلط معهم بأحاديث رمزية لا يفقها الجميع، حتى انهم كانوا يرفعونه على مستوى البشر!، البعض منهم كان مفتونا به، لدرجة انهم عندما عرفوا بمقتله، لم يصدقوه وانتظروا عودته للحياة بحجة ان من قتل كان شبيهه وليس الحلاج بحق.
كان الحلاج شجاعا بنقده لأحوال البلاد، ورفضه لما كان سائدا في عصره، وحتما لم يعجب من كان يقود البلاد ولم يتقبلوا منه انتقاداته، فدبروا له مكيدة لقتله والخلاص من شر فصاحته وشجاعته وفضحهم بين الناس، فكانت محاكمته صورية حسب ما تقول الكتب وقتل بطريقة بشعة (فقد جلد ألف سوط، وقُطعت يداه ورجلاه، وأحرقت جثته، ورمي برمادها في نهر الفرات وعُلق رأسه بباب الكرخ)على يد حاقدين على أي تغيير، مثلما يحصل اليوم، مع من يدعو الى التغيير وكسر حاجز الصمت، فمرة يعتقل الداعي لهذا ومرة يتم اغتياله والحجج كثيرة والتبريرات أكثر من اتباع المسؤولين!
يقع مرقده في جانب الكرخ من مدينة بغداد في العراق، خلف مبنى مستشفى الكرامة، وتبلغ مساحة المرقد 150 متر مربع، ولقد تهدم فأعيد بناؤه عام 2005م، وبتصميم حديث من قبل ديوان الوقف السني في العراق.
حذام يوسف طاهر

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة